رمزي الغزوي : فوز هاريس
لم تخب استطلاعات الرأي بشأن تحديد الفائز بانتخابات الرئاسة الأمريكية إلا مرات معدودة. أبرزها كان فوز دونالد ترمب المباغب في 2016 متقدما على هيلاري كلينتون التي كانت تتفوق عليه بنسب مريحة.
قبل أيام أرسل لي صديق عربي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية أمنية قاصفة عاصفة متوقعاً أن يفوز دونالد ترامب مجددا في انتخابات يوم غد مشقلبا من جديد كل استطلاعات الرأي ومطيحا بكل التوقعات. ويوضح لي سبب أمنيته العجيبة، أن على الشعب الأمريكي أن يتذوّقوا من جديد التطرف الذي ذاقته شعوب كثيرة في العالم، وعانت من ويلاته على أصوله، وأن يجرّب كيف يأتيهم قائدٌ من خارج السياق.
بالطبع ترتعش فرائصُ الكثيرين حول العالم من إعادة انتخاب ترامب حاملاً معه همجيته المتفاقمة وقضايا فساده وكذبه وتطرفه وغباءه وعشوائيته حسب ما يرون. وثمة من يهتم بالانتخابات الأمريكية أكثر من اهتمامه بانتخابات بلده، إن كانت تجرى فيها. فهذه الانتخابات ليست إلا شأناً يعني كوكب الأرض بكامل استدارتها وتفلطحها.
في انتخابات 2016 أشارت التوقعات إلى فوز هيلاري بمنصب الرئيس الخامس والأربعين في أرض الفرص. ونجاحها كان ينسجم تماماً مع تطلعات الدولة التي تسعى إلى التميز الدائم. كما أنها بلد عايشت وعانت عنصرية ضد السود واضطهدتهم وأقصتهم، وأوصلت رئيساً من أصول أفريقية وكابدت هضم حقوق المرأة. وذلك النجاح كان يعني أن امرأة تصل إلى البيت الابيض ليتحق الحلم الأمريكي بكل معانيه. وهذا ما سيتحقق مع المرشحة الديمقراطية لهذه الانتخابات كاملا هاريس.
لكن من ذات المنطق يرى البعض أن أرض الفرص والحلم والاختلاف ينسجم معها أيضا أن نرى شخصاً مارقاً يهيمن على حزب ويفرض أجندته عليه، ونراه رغم غبائه البادي ملهماً لذكاء الكثيرين وطموحهم، مبرهنا أن ذلك الشعب يحب الإثارة ولديه عقلية ترامبية، وهو ما ينسجم مع احتمالية وصول ترمب من جديد.
سبق أن توقعت فوز ترمب في هذه الزاوية. رغم خسارته آنذاك في استطلاعات الرأي. وقد استندت إلى فكرة الجوكر التي يعرفها لاعبو ورق الشَّدة (الكوتشينة)، ويعرفون قوته وقدرته على قلب الموازين في اللحظات الحرجة والأخيرة، ولأن معنى ترامب هو الجوكر، أو الورقة الرابحة في اللغة المحكية الأمريكية. أما اليوم فأرى أن الجوكر حرق نفسه؛ وليس ثمة ما يؤكد إلا خسارته. ــ الدستور