محمد خروب : جاوز فاشِيّو تل أبيب المَدى: هذا ما قاله نتنياهو في الكونغرس
ليس ثمَّة مُجازفة القول إن منطقتنا باتت على حافة هاوية عميقة, على نحو يصعب التكهن بالأطراف, الدول والتنظيمات والمنظمات, والأحزاب والحركات وخصوصاً التحالفات التي ستتفكّك, وتلك التي ستنشأ على أنقاضها أو في مواجهتها, خاصة إذا ما واصلَ تحالف الشر الصهيوأميركي تنفيذ السيناريوهات والتفاهمات, التي تم التوصل إليها في لقاء الشريكيْن الأميركي والإسرائيلي, في حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير ضد الشعب الفسطيني في كامل فلسطين التاريخية.
بين بايدن الذي بات عهده من الماضي واقعياً, لكنه لمّا يزلّ يتوفرعلى صلاحيات واسعة, أقله حتى الخامس من تشرين الثاني المقبل, عندما يُعلَنُ اسم الفائز في الانتخابات الرئاسية. ومُجرم الحرب الفاشي/ نتنياهو, المُنتشي بما استطاع «إنجازه» في خطابه أمام مجلسيّ الكنونغرس المُتصهين في غالبيته العظمى, وخصوصاً بعده, على صعيد علاقاته من بايدن وبالذات مع ترمب صاحب «صفقة القرن وإتفاقات إبراهام التطبيعية", إذ إستثمرَ/نتنياهو تلك «الإنجازات» خلال الأيام الأربعة الأخيرة, التي تلت خصوصاً حادثة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل? للخروج من «أزمَتيْهِ» الداخلية والخارجية على حد سواء.
داخلياً..فإن نتنياهو رغم الإحتجاجات الجماهيرية والمُعارَضة الحزبية الواسعة, التي تطالب بإستقالته وإجراء إنتخابات مبكرة (دع عنك مظاهرات عائلات الأسرى الصهاينة, التي تتهمه بعدم الجدية في التزام صفقة التبادل, وتقديم مصلحته الشخصية على محنتهم), وجدَ/نتنياهو في حادثة مجدل شمس المُفتعَلة, فرصة سانحة لتصدير أزمته الداخلية إلى الخارج, زد على ذلك خروج الكنيست إلى عطلته الصيفية الطويلة (حتى أواخر شهر أيلول المقبل), ناهيك عن فشل لقاء «روما» بين الوسطاء «الثلاثة» ووفد «إسرائيلي» من شخص «واحد", هو ديفيد بِرنِيَّاع رئيس?جهاز الإرهاب الصهيوني المُسمَّى/ الموساد. ما منح الفاشي نتنياهو هوامش واسعة في الداخل كما في الخارج.
خارجياً.. بدأ نتنياهو من فوره وبعد عودته «الظافرة» من واشنطن, وحصوله على مزيد من الأضواء الخضراء الـ"بايدَنِية", لِبث الفوضى والخراب وإشعال الحروب صغيرها وحتى الكبير حتى ولم يتم توسيعها/الحرب, ولا بأس من تدحرجها لتشمل المنطقة بأسرها, ضربَ/نتنياهو في حارة حريك/ قلب الضاحية الجنوببة لبيروت, مُستهدفاً شخصية عسكرية رفيعة الشأن في حزب الله, ثم أعقبها وفي أقل من أربع وعشرين ساعة, جاءت الضربة الأعنف والأخطر بإغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية. في العاصمة الإيرانية طهران وبعد ساعات معدودات م? تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بازكشيان, بكل ما تحمله هذه العربدة الصهيو أميركية من رسائل لطهران وحزب الله, بل ولدول المنطقة بأسرها من «إصرار» على إشعال الحرائق وتوسع المواجهات, لفرض واقع ووقائع جديدة, تُبقي على الهيمنة الإستعمارية الأميركية للمنطقة, وتمنح الدولة العنصرية الإستعمارية الإحلالية الصهيونية, ليس فقط السيطرة العسكرية وكتابة جدول الأعمال, بل الإندماج وتكريس الدولة «اليهودية الديموقراطية» على كامل فلسطين التاريخية, (وفق أسطورة الوعد الإلهي التلمودي), أما الشعب الفلسطيني الذي تم إختراعه في «ا?مئة عام الماضية"), على ما قال وزير المالية الفاشي/ زعيم حزب الصهيونية الدينية/سموترتش, فهو «شعب زائد» عليكم (أيها العرب) أن تستوعبوه في دولِكم التي تزيد على العشرين دولة بمساحات هائلة, أما لليهود فلا توجد لهم سوى هذه الدولة «الوحيدة» التي عاش فيها أجدادهم قبل أربعة آلاف سنة.
عربدة صهيونية كهذه, ما كانت لتتم, لولا الدعم الأميركي المفتوح بلا حدود, للدولة المارقة, التي لا تكترث لكل الإدانات, ولا التنديدات وبيانات الثرثرة, التي تتحدث عن القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان, وغيرها من الوثائق والإتفاقات التي صاغتها دول الشمال, لِتُطُبّقَ فقط ضد دول الجنوب, وليس ضد دول العالم الحُرّ ورعاياها «البيض", بما هم رواد «الديمقراطية وحرية التعبير والإنتصار لحقوق الإنسان وبخاصة المرأة, زد عليها الإختراعات والإعانات والقروض والتبرعات ومحاربة الإرهاب ومكافحة الأمراض والأوبئة والجائحات, التي بدونه? لم يكن لشعوب الجنوب المُتخلفة أن تعيش في رخاء وبحبوحة في الحياة كما هي الآن. على ما يرطن أحفاد المُستعمِرين القدامى وخصوصاً الجُدد منهم, وعلى رأسهم الولايات المتحدة, التي يزعم رئيسها (الآفل نجمه/بايدن) أن «لا غِنى للعالم عن أميركا».
ألم يقُل نتنياهو في خطابه «التاريخي» أمام المُشرِّعين الأميركيين, أن الحرب الصهيونية على قطاع غزة هي بين الخير والشر, مُضيفاً.. «أعطونا السلاح لنُنجِزَ المُهمة"؟. ثم ذهبَ مباشرة إلى مُهاجمة المتظاهرين «الأميركيين» خارج الكونغرس, المُنددين بالعدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، والداعين لوقف إطلاق النار، بأن (كثيراً من المتظاهرين ضد إسرائيل, اختاروا أن يقِفوا مع الشرّ ومع حماس, ويجب أن يشعروا بـ"العار»، مُعتبراً أن المتظاهرين المُعادين لإسرائيل يريدون تدمير الولايات المتحدة أيضاً)؟.
** استدراك:
أرسلتْ إدارة بايدن عند بدء الحرب الصهيونية على قطاع غزة في تشرين الأول الماضي, أساطيلها وغواصاتها النووية وحاملات طائراتها, كما قواتها وكبار جنرالاتها, ووجّهت أقمارها الصناعية التجسّسية, إلى البحريْن.. الأبيض والأحمر, دعماً لإسرائيل, مُهددة بإستهداف أي دولة/ دولٌ تُحاول أو تُفكر بالتدخل أو الدعوة لتوسيع دائرة الحرب. وها هي اليوم ودعماً للعربدة الصهيونية على لبنان وإغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران, تُحرّك بوارجها وغواصتها للمنطقة للغاية نفسها. فهل يُمكن إعتبار واشنطن وسيطاً أو راعية سلام وحوار?كما تزعم وتتظاهر كذباً؟. ــ الراي
kharroub@jpf.com.jo