مامون مساد : القدس في دائرة الخطر
إن جنون الحرب لا حدود له في ظل أن رياح غزة تجري بما لا تشتهي مخططات الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة المسعورة في سباقها مع الزمن، وفي إطلاق قطعان التطرف في كل جهة، وآخرها إعلان جماعات المعبد نحو فرض وقائع جديدة في مدينة القدس، واقتحام المسجد الأقصى في هذا الوقت الحرج من الصراع، وفي توقيت أول أيام عيد الأنوار العبري «حانوكاه»، لرد الاعتبار بعد ما فعلته المقاومة الفلسطينية في غلاف غزة مع اليوم الأخير من موسم عيد العُرش اليهودي.
توقيت العملية المعلن عنها الان له تبعات على تغيير الوضع القائم في القدس والمقدسات، وربما وبحسب البيان الصهيوني حول إزالة دائرة الأوقاف الإسلامية من داخل المسجد الأقصى وطرد موظفي حرس المقدسات وسدنة الحرم القدسي ومشايخه، والسعي لمشروع تهويد المدينة التي تأخذ وضعا خاصا قانونيا وتاريخيا، بالتالي فإن بوابة إسرائيل نحو الخطوة التالية بموازة الحرب على غزة ستكون عبر المسجد الأقصى باندلاع انتفاضة جديدة تشمل القدس والضفة الغربية ومواجهة عسكرية تخرج من حدود الأهداف المنتخبة إلى نطاق الحرب بأهداف أوسع واشمل.
لا استغرب ان يتم استهداف الموقف الاردني ودوره في القدس الشريف وأن يتم التهديد من قبل قطعان اللصوص و المتطرفين الاسرائيليين، حيث شكل الأردن منذ أكثر من مئة عام داعما وحاميا ووصيا شرعيا وقانونيا للمقدسات، فكان سدا منيعا امام كل محاولات التهويد ، واستمر الهاشميون يحملون شرف الوصاية ، وشرف الصمود والتضحية الذي قدمت له أبناء الجيش العربي الأردني الشهداء على أسوار القدس، وتتالى الإعمار الهاشمي، والوقفيات التي جعلت مشاعل القدس دائمة النور على الصعيد الاغاثي والمادي، وكان الأردن سفير القدس الأمين في كل المنابر الدولية، بدبلوماسية لا تكل ولن تمل.
وفي الحرب على غزة كان الأردن رأس الحربة، والشوكة التي تقف دعما واسنادا للحقوق الإنسانية والقانونية ، ولا يألو جهدا في تثبيت هذا الحق امام الصلف الصهيوني، فليس غريبا عليهم اليوم ان يسعوا إلى تقويض هذا الدور وتحويل الاهتمام ، ومحاولة المساس بالشرعية الأردنية ، وهم يرون ويتابعون الجهد الأردني من قبل جلالة الملك وسمو ولي العهد ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين والحكومة والمسار الشعبي.
في امام انتهاكات وعمليات تهويد منظمة يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، دون رادع يمنع أو يقف في وجه هذه الممارسات والجرائم التي تقدمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين اليهود، وتوسيع الاستيطان في القدس المحتلة، ليس بالجديد على المدينة التي تواجه اليوم ايضا استفرازات المتطرفين المدفوعين بدوافع الكراهية والحقد والانتقام، وعلى العالم أن ينتبه إلى خطورة الخطوة الصهيونية التي تعني انفجارا غير مسبوق على الإقليم بعمومه.
ــ الدستور