الأخبار

بشار جرار : المتسوّق الخفي والمسوّق الذكي

بشار جرار : المتسوّق الخفي والمسوّق الذكي
أخبارنا :  

يعرف الأردنيون في ديار الغربة والهجرة أكثر من غيرهم الفرح قبل أي مشاعر أخرى كالفخر والاعتزاز عندما يكتشفون بعد شرائهم سلعة ما -على أنها ماركة تجارية عالمية- بأنها صنع البلاد، حيث تكون عبارة «صنع في الأردن» مكتوبة أحيانا بلغات عدة في إشارة مفرحة أخرى على مدى انتشار تلك السلعة ورواجها في أسواق عالمية أخرى إلى جانب الولايات المتحدة.

مما يزيد الفرح والفخر أن تكون تلك السلعة معتمدة لدى سلسلة محال تجارية توزع بالمفرق والجملة في جميع الولايات الأميركية، وهذا يعني أكثر من خمسين سوق، ففي كل ولاية مقاطعات وأقاليم مترامية الأطراف تفوق حجم أسواق عربية أو شرق أوسطية مجتمعة.

في سلعة واحدة -وقد كانت بدلة رياضية تحمل ماركة عالمية شهيرة مرموقة في عالم كرة القدم على وجه الخصوص- أحصيت عدد اللغات التي كتبت فيها عبارة «صنع في الأردن» فكانت أربع عشرة لغة من بينها العربية أتت في السطر قبل الأخير. فرحتي كانت كبيرة بتلك البدلة التي اكتشفت بالصدفة أنها صناعة أردنية في أحد أكثر متاجر أمريكا انتشارا والبالغ من القوة الدرجة التي يستثمر في أسهمه بالبورصات ولديه أفرع دولية من ضمنها كندا ودول شقيقة في الخليج العربي. كان لها رونق خاص بعد متابعة أداء فريقنا الوطني البطولي في كأس العرب. لست خبيرا بل مجرد قارئ في علوم وفنون التسويق ومعايير التسعير، لكني أكاد أجزم أن تلك البدلة سيرتفع سعرها بعد مشاركات نجوم منتخبنا الأردني في مونديال أمريكا. ولو استطعت الهمس في أذن القائمين على طلبيات الشحنات القادمة الخاصة بالتصدير، لرفعت أسم الأردن بالعربية إلى رأس القائمة أو خاتمتها، فإما الصدارة وإما ختامها مسك، لكن إضافة مرفقات كالعلم الأردني أو شعار المنتخب أو أسماء اللاعبين وأرقامهم قد تكون قيمة إضافية على الأقل للمواسم الخاصة بالمونديال، خاصة في أسواق الأردن وأمريكا.

ولأننا نحب ونغبط وننافس بشرف وشفافية، تأملت في سلع أخرى كانت معروضة ومنذ مدة من دول شرق أوسطية وعربية أخرى، وبموضوعية وتجرّد أحسست بأن «صنع في الأردن» أو «زرع» أو «منتج» في مملكتنا الحبيبة جدير بأخذ فرصة المنافسة إلى جانب تلك السلع لا عوض عنها. من ضمن تلك السلع لفت انتباهي من أكثر السلع رواجا زيت الزيتون. يبدو أن الشقيقة تونس قد ظفرت بسوق ذلك المتجر رغم كسب المغرب على سبيل المثال أسواق أخرى كالسردين ومنتجات زيت «الأرغان» لشامبو الشعر ومنتجاته.

أما في الأسواق التي تسمى «شرق أوسطية أو مسلمة» فترى اكتساحا تركيا لافتا على حساب أسواق عربية أثار حفيظة أمريكيين من أصول عربية خاصة عندما اكتشفوا أن كثيرا مما يعرض من سلع يتم استيراد عناصره الخام أو الأولية الغذائية من دول عربية ويعاد تعليبها إما في تركيا أو بعض الولايات الأمريكية ذات الغالبية «الشرق أوسطية» بمعناها الموسع الذي شمل أفغانستان وباكستان وبانغلادش!

أعلم يقينا أن الغرف التجارية والهيئات الصناعية والزراعية في الأردن وأمريكا، والمعنيين بالاستيراد والتصدير والاستثمار يملكون ما أجهله كمستهلك من المعرفة في تفاصيل آليات اتخاذ القرارات ذات العلاقة، لكنه مجرد إحساس مبني على الملاحظة لا العاطفة أن بإمكاننا تحقيق المزيد، ربما بزيارات غير معلنة لما يعرف بالمتسوق الخفي، والأهم منه المنتِج والمسوِق الذكي الذي يعلم مدى حجم السوق الكبيرة المتاحة لزيت الزيتون والزبيب والملبن.

قائمة السلع الأردنية القادرة على المنافسة في الأسواق الأمريكية تطول، وقد تفاديت الدخول في تفاصيلها، تفاديا لإخراج الموضوع عن سياقه وغايته، وهي أن الموثوقية الصناعية والزراعية الأردنية والجودة العالية لها، لها ما يلزمها من التعليب والتغليف والتسعير والتسويق، ولكل مواسمه ولغاته وأدواته. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك