الأخبار

سلطان حطاب يكتب : الملكة رانيا... تقرع الذاكرة

سلطان حطاب يكتب : الملكة رانيا... تقرع الذاكرة
أخبارنا :  

أوقفت الملكة رانيا المجتمع الدولة بقولها "ما أشبه اليوم بالأمس" وهي تتحدث عن اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1959، في 20 / 11، حيث اعتمدت الجمعية العامة ذلك اليوم، لإعلان حقوق الطفل وبشكل مؤكد عام 1989 في اتفاقية معلنة.

الملكة ربطت بذكاء بين المناسبة وحقوق الطفل المنتهكة في لبنان وفلسطين من خلال الاعتداءات الاسرائيلية، منذ عام 1982، وبين ما يجري من حرب ابادة ضد أطفال فلسطين منذ 610 أيام، من السابع من اكتوبر حتى اليوم.

ذكرت الملكة بشكل سردي، ومن خلال العنوان الذي طرحته وهي تتحدث للمناسبة بمروحة واسعة من الجرائم الاسرائيلية، يمكن الكشف عنها من تحت غطاء المجازر ضد الطفولة منذ عام 1982 على وجه التحديد

كنت أعد كتاباً عن ذلك، ما زلت أعمل عليه، كانت مجزرة قانا الأولى، ومجزرة قانا الثانية، مشمولة بالتذكير، وبينها عشرة أعوام، وفي نفس المكان، وكانت المجزرة التي وقعت في مبنى سكني بجنوب لبنان عن طريق صاروح أطلق بعد منتصف الليل، 30 طفلاً شهيداً، وعشرة جرحى،في حي الخربة.

وهناك ما يمكن أن يذكر به تحت العنوان الذي قرعت به الملكة، ذاكرة العالم واسماعه أطفال مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، حيث كشفت الباحثة بيان نويهض الحوت عن استشهاد أعداد هائلة من الأطفال، قال الكاتب روبرت فيسك، أنهم من بين ألفين من الشهداء في حين أكد لي الصحفي اليهودي التقدمي في حينها والذي زراني في مكتبي بعمان، أنهم من بين ثلاثة الآف، وان النسبة منهم من الاطفال اكثر من 20%.

في قانا الأولى، 20 طفلاً شهيداً وفي قانا الثانية، 37 طفلاً شهيداً، كما قتلت اسرائيل في عدوان آخر، ومرة واحدة في مجزرة عيتروت عام 1975، 9 أطفال وكذلك في مجزرة كونين وكلتاهما في لبنان، وقتلت في مجزرة عيناتا ثلاث حفيدات لسيدة كانت ترافقهم عام 2023.

والذكرى الحيّة التي قرعتها الملكة رانيا الآن، تتحدث عن قتل الرضيع علي البطران، وعمره شهر واحد، في دير البلح، وهو تؤام الطفل جمعة، الذي مات بالبرد أمام أمه.

وكانت احصائية سابقة عن حرب الابادة على غزة، قد جرى الاعدامات رسمياً ل7200 أسرة بالكامل، لم يعد لهم مكان في السجل المدني أو دفاتر العائلة، وقد استشهد حتى تاريخ ذلك أي بعد مضى سنة واحدة من العدوان على غزة 30 ألف طفل حسب احصائية معتمدة.

وكشف احصائيات اليونيسيف والانوروا عن تعرض 60 ألف طفل للمجاعة وسوء التغذية، وأكدت اليونسيف أن مليون طفل يتعرضون للتهجير المستمر من منطقة الى اخرى وانهم محرومون من الغذاء والدواء والرعاية والطفولة، وبعد انهيار وقف اطلاق النار مباشرة بأيام، استشهد 322 طفلاً وأصيب 609، أطفال، من المهجرين في الخيام التي قصفت وحرقت بالقذائف فوق رؤوسهم.

وفي الاحصائيات نفسها أن 39 ألفا من الأطفال أصبحوا أيتام، فقدوا أحد والديهم، وأن 17 ألف حرموا من الوالدين، وهذا يشكل أكبر أزمة تيتم في التاريخ، وجاء في احصائية اخرى أن 39 ألف طفل يتيم و 17 ألف استشهدوا، واكثرهم من الرضع.

وأكد السيد توم فليشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية أنه في 24 / 1 / 2025/ فإن مليون طفل يحتاجون الى دعم نفسي واجتماعي بسبب الاكتئاب الناتج عن الابادة وأن أكثر الأطفال تركوا للجوع وماتوا من البرد.

في الأيام الأخيرة، أيّ آخر شهر من العدوان، فإن 52 طفلاً ماتوا جوعاً وأن 500 في وضع الموت جوعاً، ورأينا نماذج من صورهم في الفضائيات، وأن نسبة الاطفال المحرومين من السكن بسبب تدمير منازلهم بلغ 88% من البنى التحتية.

أنه بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، وهو الذي الذي يحتفل فيه الأطفال الفلسطينيون في فلسطين بالطفولة، فإن 17 ألف قد استشهدوا و 954 جرى التذكير بهم عشية يوم الطفل الفلسطيني في الاحتلال.

ويشكل الأطفال في فلسطين، دون سن 18 سنة نسبة 43% من سكان فلسطين، حيث يبلغ سكان الضفة 3.4 مليون نسمة، ويبلغ عدد سكان غزة 2.1 مليون نسمة.

الابادة شملت الأطفال في مختلف الأعمار، ابتداء من الأجنة في أرحام أمهاتهم، مروراً بالأطفال في الخداج بعمر أقل من 9 أشهر، داخل الحضانات حتى السن التي حددتها اتفاقية حقوق الطفل الأممية، الاّ يتجاوز 18 عاماً.

وكان المشهد المفجع ما رصدته الكاميرات التلفزيونية الصحفية في غزة على الهواء مباشرة من قتل أربع أطفال حديثي الولادة نتيجة البرد، حيث توفيت تحت الكاميرة الرضيعة عائشة القصاص وعمرها عشرين يوماً، في مناصي خان يونس من البرد، أما مجزرة حي الدرج، فلم يحدث مثلها في التاريخ، حيث قصفت إسرائيل مدرسة الجرجاوي بصاروخ مباشرة على رؤوس النازحين، واستشهد من الأطفال 36 طفلاً، ومنهم الطفلة التي التقطت الكاميرات التلفزيونية صورتها، وهي تركض وسط النيران، بعد ان استشهدت والدتها وست من اشقائها ووالدها، بعد ذلك، وبقيت هي وقد نجت بالركض وسط النيران آنذاك، وخرجت بحروق في جسمها وهي تذكر بطفلة النابالم الفيتنامية آنذاك واسمها فان في كيم فوك، والتي ركضت عارية وهي مواليد عام 1963 وقد استهدفت قريتها في فيتنام الجنوبية نتاج قصف أمريكي ثم انتقلت لتعيش في كندا مع. مجمًوعة من الهاربين، كات بينهم، وهذه الجريمة هزت ... الرأي العام، والذي أدى الى وقف الحرب في فيتنام، فأين فان كون من ورد جلال الشيخ الغزية

كانت الطفلة الغزية، ورد جلال الشيخ خليل، التي ركضت وسط النيران ونجت بجروحها المحروقة، قد وثق المراسل الصحفي صورتها، وعلق، قبل أن تنجو وهي تركض، (تخيل هذه ابنتك أو اختك الصغيرة).

الشكر الموصول للملكة رانيا العبد الله، من كل العالم المحب للسلام، والتي قرعت ذاكرة العالم من أجل الأطفال، بقولها، "ما أشبه اليوم بالأمس".

واليوم صعب جداً، والأمس ممتد ومثخن بالذكريا تالقاسية عبر العالم وخاصة لبنان وفلسطين، إذ ما زال الجرح نازفاً.

مواضيع قد تهمك