الأخبار

أ. د. عبد الزراق الدليمي : معركة الوعي في الفضاء الرقمي: التربية الإعلامية سلاحنا

أ. د. عبد الزراق الدليمي : معركة الوعي في الفضاء الرقمي: التربية الإعلامية سلاحنا
أخبارنا :  

في عصرنا الرقمي المتسارع، أصبحت وسائل الإعلام جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد والمجتمعات. من الضروري تزويد النشء والأجيال القادمة بالمهارات والمعارف اللازمة لفهم هذه الوسائل بشكل نقدي ومسؤول، والتفاعل معها بوعي وتمييز. من هنا، تبرز أهمية التربية الإعلامية كضرورة حتمية في نظامنا التعليمي.
أهمية التربية الإعلامية
في ضوء التطور المبهر في وسائل الإعلام والاتصال، والتحديات المتزايدة المرتبطة بالمعلومات المضللة وخطاب الكراهية، تبرز أهمية التربية الإعلامية بوصفها أداة رئيسية لتحصين الطلبة من مخاطر المحتوى الإعلامي غير المنضبط، وتمكينهم من التفكير النقدي وتحليل الرسائل الإعلامية بشكل واعٍ ومسؤول. وتساعد التربية الإعلامية الطلبة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وتمنحهم مهارات التفكير النقدي والتحليل ومواجهة الإشاعات وخطاب الكراهية من خلال تمكين الطلبة من فهم طبيعة وسائل الإعلام ومصادرها وآليات عملها. اضافة الى دعم المناهج الوطنية: بما يتماشى مع التوجهات الحديثة في التعليم نحو المهارات الحياتية والرقمية.
تساعد التربية الإعلامية في تعزيز الوعي النقدي لدى الطلاب وكذلك بتحليل وتقييم الرسائل الإعلامية المختلفة، وتمييز الحقائق من الآراء، والدعاية من المعلومات الموضوعية. هذا يمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة وعدم الانقياد الأعمى للمعلومات.
كما تسهم في تنمية مهارات التحليل والتفكير من خلال تفكيك المحتوى الإعلامي، يتعلم الطلاب كيفية تحديد الأهداف الكامنة، والجمهور المستهدف، والتقنيات المستخدمة للتأثير. هذا يعزز مهاراتهم في التحليل النقدي والتفكير المنطقي وحل المشكلات.
كذلك تؤدي التربية الاعلامية دورا كبيرا في مكافحة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة لاسيما في ظل انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تزود التربية الإعلامية الطلاب بالأدوات اللازمة للتحقق من مصداقية المعلومات ومصادرها، وتجنب الوقوع ضحية للتضليل.
وتبرز اهمية اخرى للتربية الاعلامية بتعزيز المواطنة الرقمية المسؤولة حيث تسهم بتعليم الطلاب كيفية استخدام وسائل الإعلام الرقمية بشكل أخلاقي ومسؤول، واحترام حقوق الملكية الفكرية، والتفاعل الإيجابي مع الآخرين عبر الإنترنت، والمساهمة في بناء مجتمع رقمي آمن وفعال.
يضاف الى ذلك تطوير مهارات الإنتاج الإعلامي فبالإضافة إلى الاستهلاك النقدي للإعلام، يمكن للتربية الإعلامية أن تساهم في تطوير مهارات الطلاب في إنتاج محتوى إعلامي إبداعي ومسؤول، مما يفتح لهم آفاقًا مستقبلية في الصناعات الإعلامية المختلفة.
ناهيك عن فهم واستيعاب تأثير الإعلام على الثقافة والمجتمع حيث تساعد التربية الإعلامية الطلاب على فهم كيف تشكل وسائل الإعلام قيمنا ومعتقداتنا وسلوكاتنا، وكيف تؤثر على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
دور متميز لوزارة التربية والتعليم
تؤدي وزارة التربية والتعليم في المملكة الاردنية الهاشمية دورا بناء ورائدا في تبني كل ماهو مفيد وبناء لخلق جيل من المواطنين الواعين المدركين لمسؤولياتهم اتجاه انفسهم والمجتمع الذي ينتمون اليه وجاءت الخطوات المباركة بالاهتمام بموضوع ادخال التربية الاعلامية ضمن مناهجها خطوة رائدة وتاسيسا على ذلك وانطلاقا منه يمكن العمل على مايلي:
1. إدراج مادة التربية الإعلامية ضمن الخطة الدراسية في المدارس الإعدادية والثانوية، بشكل مستقل أو مدمج في مناهج أخرى.
2. تعيين خريجي كليات الإعلام والاتصال لتدريس هذه المادة، نظرًا لامتلاكهم الخلفية الأكاديمية المتخصصة في الإعلام.
3. إخضاع هؤلاء الخريجين لدورات تأهيل تربوية قبل مباشرة التدريس، لضمان إتقانهم لمبادئ التعليم وأساليب التعامل مع الطلبة.
4. التعاون مع الجامعات الأردنية والمؤسسات الإعلامية لتطوير برامج تدريبية متخصصة في التربية الإعلامية.
الاستفادة من خريجي كليات الاتصال والإعلام لتدريس التربية الإعلامية
نظرًا للطبيعة المتخصصة لمادة التربية الإعلامية وارتباطها الوثيق بمجالات الاتصال والإعلام، يمكن أن يتم تكليف خريجي كليات الاتصال والإعلام في الجامعات الأردنية بتدريس هذه المادة في مختلف المراحل التعليمية.
لماذا خريجي الاتصال والاعلام؟
الاختصاص الأكاديمي: يمتلك خريجو كليات الاتصال والإعلام أساسًا نظريًا وعمليًا متينًا في مجالات الإعلام المختلفة، بما في ذلك نظريات الاتصال، وتحليل المحتوى الإعلامي، وأخلاقيات المهنة، وتقنيات الإنتاج. هذا يجعلهم الأقدر على تقديم محتوى تعليمي متخصص وعميق في التربية الإعلامية.
الخبرة والمعرفة الحديثة: يكون خريجو هذه الكليات على اطلاع دائم بأحدث التطورات والاتجاهات في المشهد الإعلامي الرقمي، بما في ذلك المنصات الجديدة، والتحديات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الإعلام.
الشغف والالتزام: غالبًا ما يكون لدى خريجي الإعلام شغف بمجالهم والتزام بتطوير الوعي الإعلامي لدى الأجيال الجديدة.
إمكانية التأهيل المتخصص: يمكن تعزيز قدرات خريجي الإعلام في مجال التدريس من خلال إخضاعهم لدورات تدريبية مكثفة تركز على أسس ومبادئ التعليم، واستراتيجيات التدريس الحديثة، وإدارة الصف، وتقنيات التقييم التربوي. هذه الدورات ستضمن امتلاكهم للمهارات البيداغوجية اللازمة لتقديم المادة بفعالية.
توفير فرص عمل للخريجين: يساهم هذا الاقتراح في توفير فرص عمل لخريجي كليات الاتصال والإعلام، مما يعزز دور هذه الكليات وأهميتها في سوق العمل.
وهذا يستلزم مايلي:
تضمين مادة التربية الإعلامية في المناهج الدراسية: بشكل تدريجي ومنظم في مختلف المراحل التعليمية الأساسية والثانوية.
تطوير مناهج وأدوات تعليمية متخصصة: بالتعاون مع خبراء في الإعلام والتعليم، بحيث تكون هذه المناهج حديثة وتفاعلية وتناسب الفئات العمرية المختلفة.
إطلاق برنامج تدريبي مكثف: يستهدف خريجي كليات الاتصال والإعلام الراغبين في تدريس المادة، ويركز على الجوانب التربوية والتعليمية.
وضع معايير وشروط للتعيين: تضمن كفاءة المتقدمين وقدرتهم على تدريس المادة بفعالية.
إشراك مؤسسات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني: في دعم وتطوير برامج التربية الإعلامية وتقديم الخبرات العملية للطلاب.
وهذا سيؤدي حتما الى تحقيق الفوائد التالية:
• استثمار الكفاءات الوطنية من خريجي الإعلام وتقليص معدلات البطالة بينهم.
• ضمان جودة تدريس المادة من خلال متخصصين في مجالها.
• مواكبة الاتجاهات العالمية في التعليم الحديث.
إن الاستثمار في التربية الإعلامية هو استثمار في مستقبل أجيالنا وفي بناء مجتمع واعٍ ومسؤول وقادر على التعامل بفعالية مع تحديات العصر الرقمي. من خلال تعيين خريجي كليات الاتصال والإعلام المؤهلين، يمكننا ضمان تقديم تعليم إعلامي عالي الجودة يساهم في تحقيق هذه الأهداف. نأمل أن يحظى هذا المقترح بالاهتمام والدراسة اللازمين تمهيدًا لتنفيذه على أرض الواقع.
ختامًا، نؤمن أن تنفيذ هذه الافكار ستساهم في بناء جيل واعٍ وناقد، وقادر على التعامل مع الإعلام الحديث بمسؤولية.

مواضيع قد تهمك