الأخبار

شهرزاد مثقال ابو تايه : تاريخ الأردن وفلسطين 101

شهرزاد مثقال ابو تايه : تاريخ الأردن وفلسطين 101
أخبارنا :  

يقع الأردن وفلسطين في قلب منطقة الشرق الأوسط، ويشتركان في تاريخ حافل بالحضارات والوقائع التي أسهمت في تشكيل هوية المنطقة. وقد ارتبط مسارهما عبر العصور بروابط وثيقة جعلت منهما كيانين متلازمين في الجغرافيا والتاريخ والمصير.
سكن الكنعانيون أرض فلسطين، وأقاموا فيها مدنًا مزدهرة مثل أريحا. وفي الأردن، ظهرت ممالك مثل عمون ومؤاب وأدوم، حيث عاش الناس وبنوا مجتمعاتهم وسط الصحارى والجبال، تاركين إرثًا ثقافيًا وتاريخيًا ما زال صداه يتردد حتى اليوم. والفرس فالرومان، الذين تركوا آثارهم باقية حتى يومنا هذا. ثم أصبحت القدس مركزًا مسيحيًا هامًا، واستُقبلت فيها الديانة المسيحية بحفاوة.
وكان التحول الكبير بعد معركة اليرموك الشهيرة، حينما استُقبل المسلمون في القدس في مشهد يرمز إلى التسامح والعدل. ومنذ ذلك الحين، تعايش المسلمون والمسيحيون بسلام، الى سقوط الدولة العثمانية، نتيجة لمشاركتها في الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا، وخسارتها للحرب، اقتسمت بريطانيا وفرنسا المنطقة وفق اتفاقية سايكس بيكو، وبدأت مرحلة جديدة سُمّيت بـالانتداب.
في عام 1921، تأسّست إمارة شرق الأردن، بينما بقيت فلسطين تحت حكم الانتداب، وأُعلن فيها «وعد بلفور» الذي فتح الباب أمام الهجرة اليهودية وأشعل فتيل الصراع. وانسحبت بريطانيا في عام 1948، وأعلنت العصابات الصهيونية قيام إسرائيل على أرض فلسطين، فكانت النكبة، وتهجّر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأردن. ونجح الجيش الأردني في حماية الضفة الغربية والقدس الشرقية، التي أصبحت لاحقًا جزءًا من المملكة الأردنية الهاشمية عام 1950 من خلال وحدة الضفتين.
لكن لم تدم هذه الوحدة طويلًا، ففي حرب 1967، احتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس مجددًا، وتجددت موجة اللجوء الفلسطيني نحو الأردن، ووجدت الشعوب العربية نفسها أمام نكسة جديدة، حملت معها وجعًا مضاعفًا وخسارة فادحة.
اما في الضفة الغربية، فكانت القوات الأردنية ترابط على خطوط التماس، تدافع بما توفر لها من إمكانيات، لكن الهجوم الإسرائيلي كان كاسحًا وسريعًا، فلم تمضِ أيام حتى سقطت بيد الاحتلال. وبدأت بعدها موجة جديدة من اللجوء، وفرّ آلاف الفلسطينيين من مدنهم وقراهم نحو الأردن، حاملين معهم مرارة الهزيمة وذكريات وطن مسلوب.
ثم جاء عام 1970، حاملاً معه أحد أكثر الفصول حساسية في تاريخ الأردن، أحداث أيلول الأسود، فاضطرت القيادة الأردنية إلى فرض سيادة القانون والحفاظ على كيان الدولة الأردنية.
لكن التحديات لم تقف عند هذا الحد. فعلى مرّ العقود، ظهرت جماعات مختلفة حاولت النيل من أمن الأردن واستقراره، سواء عبر الفكر المتطرف، أو من خلال مخططات إرهابية أو تخريبية. بعض هذه الجماعات تأثرت بأفكار تنظيمات تحمل توجهات ايديولوجية ومذهبية شاذة، سعت لإشعال الفتن أو استغلال الظروف السياسية لنشر الفوضى، لم تكن تمثل الشعب الأردني الذي لطالما عُرف بالاعتدال والولاء، إلا أنها شكلت تهديدًا حقيقيًا، تصدت له الدولة بحزم، من خلال أجهزتها الأمنية وكفاءة مؤسساتها، فنجحت في إحباط العديد من المخططات، ووأد الفتن قبل أن تنمو.
أما فلسطين، فما زالت حكايتها مفتوحة. بين مفاوضات غير مكتملة، واحتلال مستمر، وانقسام داخلي، بقيت القضية حيّة، يسكنها الأمل رغم كل الألم.
وهكذا، تروي أرض الأردن قصة من الصمود، عاشت خلالها الحروب والسلام، الفقدان والصمود، وواجهت الأعداء والخونة، لكنها لم تفقد يومًا هويتها ولا كرامتها. وما تزال هذه الأرض تكتب فصولها كل يوم، بقلوب تنبض بالإصرار والانتماء.

مواضيع قد تهمك