القس سامر عازر : مقام القديس جاورجيوس (الخضر) في ماحص: رمز للتسامح والوحدة الروحية

يقع مقام القديس جاورجيوس، المعروف أيضًا بالخضر، في منطقة الميدان بمدينة ماحص الأردنية. يُعد هذا المقام من أبرز المعالم الدينية التي تجمع بين الرمزية المسيحية والإسلامية، ويُشكل شاهدًا حيًا على العيش المشترك والتسامح بين الأديان في الأردن، وهو وقف إسلامي-مسيحي مشترك.
تعود قصة بناء المقام إلى القرن التاسع عشر في العام 1840 ميلادية، عندما زار الأب ميخائيل صويص بلدة ماحص لشراء حاجاته. أثناء إقامته يَذكر أنه حلم بالقديس جاورجيوس الذي طلب منه إقامة مزار في الموقع الذي كان ينام فيه تحت إحدى الأشجار. وبعد أن استيقظ الأب ميخائيل عاد إلى الفحيص، ثم اصطحب معه مسعاف السالم لبناء المقام في المكان الذي أُوحي له به.
ويتكون المقام من غرفة صغيرة على نمط عقد البيوت القديمة. وفي فناء المقام تقف شجرتان معمّرتان؛ إحداهما يزيد عمرها عن 680 عامًا، والأخرى تبلغ حوالي 480 عامًا. وتُعدّ هذه الأشجار جزءًا من التراث الروحي والتاريخي للمكان، حيث يقصدها الزوار للتبرك وعليها يعلقون ما يسمى «بالخِلِعْ» وهي شرائط قماش خضراء اللون مع الدعاء والتمني.
ويعرف هذا الموقع باسم «الخضر» لدى المسلمين و»القديس جاورجيوس» لدى المسيحيين، مما يجعله رمزًا فريدًا للوحدة الدينية والتسامح. يزوره الناس من مختلف الخلفيات للزيارة، والصلاة، والتبرك، في مشهد يجسد العيش المشترك والإحترام المتبادل.
ويرتبط اللون الأخضر بمقام القديس جاورجيوس ارتباطًا وثيقًا، وقبته مطلية باللون الأخضر. فالقديس جاورجيوس، والمعروف في التراث الشعبي باسم «الخضر»، يُصوَّر غالبًا بثوب أخضر، ويُعتقد أنه شخصية مباركة ترافق الصالحين وتنصر الضعفاء. ولهذا أصبح اللون الأخضر علامة مميزة للمقام.
ومما يجدر ذكره أنه يُقام في المقام قداس إلهي سنوي في عيد القديس جاورجيوس، حيث يجتمع المؤمنون للصلاة وتقديم النذور وإضاءة الشموع، ويُعتبر هذا الاحتفال مناسبة لتعزيز الروابط الروحية والإجتماعية بين أبناء المجتمع الأردني، مسلمين ومسيحيين على حد سواء.
إنَّ مقام القديس جاورجيوس هذا في ماحص ليس مجرد موقع ديني، بل هو رمز حيّ للتسامح والوحدة الروحية في الأردن. ويعكس هذا المقام العيش المشترك والتقدير المتبادل بين المسلمين والمسيحيين، ويؤكد على القيم التي تجمع البشر في رحلتهم نحو الخير والقداسة.