الأخبار

بشار جرار : الإبعاد الأمريكي ثلاثيّ الأبعاد!

بشار جرار : الإبعاد الأمريكي ثلاثيّ الأبعاد!
أخبارنا :  

نحو واحد وعشرين مليون إنسان دخلوا أمريكا بطرق غير شرعية خلال أربع سنوات. يضاف هذا الرقم المرعب في حجمه وتفاصيله إلى ملايين سبقوهم دخلوا البلاد بطرق شرعية لكن صارت فاقدة للشرعية بسبب تجاوز البعض الإقامة الممنوحة في تأشيرات السياحة أو الدراسة أو العمل. البعض الآخر، التفّ للأسف على القانون -في بلاد تبقى من أكثر الدول ترحيبا بالمهاجرين وانفتاحا على العالم- للإقامة القانونية ومن ثم التجنيس عبر طرق ملتوية، منها ما يعرف بزيجات المصلحة أو البقاء على الأراضي الأمريكية حتى الولادة بما يعرف ب «آنْكَر بيبي»، الطفل المرساة الذي يُكسِب والديه أو أحدهما الجنسية.
التحايل على القانون واستغلاله، لم تسلم منه السياسة وحتى الدين، وفي العقدين الآخرين الهوية الجنسية أيام اليسار المنحل المختل، حيث زعم البعض قمعا أو تمييزا في بلاده الأصلية طريقا للحصول على حق اللجوء أو الفرار من ملاحقات قضائية لا علاقة لها بالسياسة منها جرائم مالية أو أخلاقية.
في علاقة استغلال متبادل وأحيانا مركّبة، منح بعض أولئك وظائف معظمها عبر شركات ومؤسسات تعاقدية مع جهات من القطاعين العام والخاص، بحيث يتم رعايتهم لتوظيفهم عند الحاجة، خدمة لأجندة أو مشروع ما، على نحو قد يبدو أحيانا عدائيا ومناقضا لتوجهات الإدارة أو الروح «الثقافة» الأمريكية.
مع ارتفاع الكلف لفاتورة الهجرة الشرعية وغير الشرعية، تفاقمت المشكلة حتى صارت معضلة مؤرقة للحزبين. حتى اليسار المتطرف، بات يدرك أن من أسباب خسارته الانتخابات في أمريكا والغرب عموما، هو ذلك الشطط والغلو والتوغل فيما يسموه انفتاحا وتعددية وقبولا للآخر، لحد ضاعت فيه هوية البلاد وأمنها واقتصادها. عودة اليمين بقوة إلى عدة بلدان، يعود فيه الفضل لملفي الأمن والاقتصاد، المرتبطين عضويا بأمن الحدود وهوية المجتمع الوطنية..
من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية الراهنة، إعادة توجيه تطبيق ابتكرته الإدارة السابقة، كانت تصرف له هاتفا جوالا ذكيا لكل فرد أو أسرة لإدامة التواصل معها! عمليا، تم استغلال الأمر وإساءة الاستخدام، لا بل وقام بعض المهاجرين غير الشرعيين من ذوي النشاطات الإجرامية بشطب التطبيق وإتلاف الهاتف في محاولة الإفلات من التتبّع، واستخدام منصة «تيك توك» لإرشاد وتعليم من تسللوا عبر الحدود، على احتلال منازل المواطنين عبر استغلال ثغرة قانونية إجرائية في بعض الولايات والمقاطعات -غالبا الليبرالية «التقدمية»!- فيما عرف بوضع اليد على العقار، بالجلوس القرفصاء «سكواتِنغ» حيث يقوم أولئك «السكواترز» بتحدي صاحب الدار مالك العقار، لا بل وحتى الشرطة، بانتظار أمر قضائي.
بلغت المهزلة التي أغاظت الناخبين لدرجة السخط على سياسات اليسار الدرجة التي تولى فيها صحفيون ومشرعون وحتى قضاة جانبا دفاعيا اعتذاريا «محاميا» عن مجرم ينتمي لإحدى العصابات الأكثر توحشا في العالم، كونه لم يخضع لمحاكمة عادلة! وفي حالة أخرى، كونه كان عضوا في عصابة أخرى غير تلك المذكورة في قرار إلقاء القبض والترحيل!
بطبيعة الحال، هناك أبرياء. بصرف النظر عن النسبة المستهدفة بتصويب أوضاعها، حتى لا يؤخذ البريء بجريرة المجرم. لذلك تمت إعادة توظيف تطبيق وزارة الأمن الوطني وقسم الجمارك والحدود، بحيث يتم التواصل فالإبلاغ الذاتي ومن ثم الترحيل الذاتي دون متاعب قانونية.
لتحفيز المخالفين، أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن ثلاثة حوافز: أهمها إتاحة فرصة العودة بشكل قانوني لأمريكا، طبعا بعد التحقق من أنه بحسب ترمب «يحب أمريكا وحسن السير والسلوك ويقدم قيمة مضافة إليها»، مما يجعل سلوك ومهنة وعلم طالب الإقامة مسألة فيها نظر، دون تجاوز حقوق المتقدمين بطرق قانونية وحسب الأصول، بما في ذلك من يسمون «الحالمين» وهم أولئك الذين ينتظرون داخل أمريكا الحصول على الجنسية. أما العرض الثاني فهو الترحيل عبر طائرة تذكرة باتجاه واحد مدفوعة الثمن. والثالث «كاش»! ألف دولار معونة سفر أو بالأحرى وداع!
بطبيعة الحال، كان لا بد من التأكيد على البديل لاتخاذ القرار الصائب، وهو أنه في حال عدم الترحيل الذاتي ثلاثي الحوافز أو الأبعاد، فإن الإبعاد سيكون نهائيا وقطعيا فور إلقاء القبض على من سيعدّ مرتكبا «جرائم مركبة»، أقلها جريمتان: مخالفة قوانين الدخول و/أو الإقامة، والثانية، رفض الاستجابة لعرض الترحيل ثلاثيّ الحوافز! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك