الأخبار

صالح الراشد يكتب : مجاعة غزة الأسوأ والشهود شركاء‏ في الجريمة

صالح الراشد يكتب : مجاعة غزة الأسوأ والشهود شركاء‏ في الجريمة
أخبارنا :  

تنتشر المجاعات في دول العالم بين الفينة والأخرى ولا يوجد دولة إلا وكان لها نصيب من هذه المجاعات عبر القرون الماضية، وتتعدد اسباب المجاعات من الجفاف للفياضانات فالحروب والسبب الأخير هو الرئيسي في قتل الإنسان بيد أخيه الإنسان ، حيث تبدع الجيوش وقادتها الارهابيين في تعذيب الشعوب بالجوع حتى الموت، وهي الطريقة التي يمارسها الكيان الصهيوني بحث أهل غزة، وهي ليست جديدة وليست اختراع رئيس وزرائها نتنياهو حيث سبقه إليها عديد الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي قتلت الهنود الحمر بحرمانهم من الوصول لأماكن المياه والغذاء، وبريطانيا العظمى في القتل حين نهبت المواد الغذائية لتزويد بها قواتها المقاتلة خوفا من الغزو الياباني، وتركت شعب البنغال يعاني من أسوء مجاعة في القرن العشرين ليموت بسببها ثلاثة ملايين مواطن ، وعلى ذات النهج سارت فرنسا المبدعة في القتل حين حرمت المغاربة من الطعام واستولت عليه بالكامل لتصيب مملكة المغرب مجاعة هي الأسوء في تاريخ البلاد وليس القرن العشرين فقط.

ودفعت روسيا الثمن غالياً بوفاة أكثر من خمسة ملايين من سكانها بسبب الجفاف والحروب الاهلية، لتؤدي هذه التداعيات إلى تراجع كبير في معدلات الإنتاج الغذائي لتفتك المجاعة بالجميع دون استثناء، ولم تنجو بلاد الشام ومنها فلسطين بسبب مصادرة الدولة العثمانية جميع أنواع الطعام والحبوب لصالحها لدعم المجهود الحربي إضافة لهروب الفلاحين من أراضيهم حتى لا يتم إجبارهم على الانضمام للجيش العثماني، كما توفي في فيتنام التي عانت من جميع الظروف الصعبة أكثر من مليوني مواطن بسبب الاحتلاليين الفرنسي والياباني وكلاهما نهب وسرق البلد بل ان اليابانيين دمروا زراعة الأرز، ونهبوا الموجود ووضعوه في المخازن لاستخدامه وقوداً لمحطات الطاقة.

ومنذ ثمانية عقود لم تضرب المجاعات إلا الدول العربية سواءً كانت بشكل كلي أو جزئي كون الحروب انتقلت للمنطقة العربية، لتضرب المجاعة الصومال بقوة وقسوة بسبب الجفاف والحروب الأهلية القاسية عقب اسقاط نظام الرئيس محمد بري على يد أمراء الحرب العشائريين، وسرعان ما انزلقت البلد في مجاعة، ونفقت آلاف المواشي وتفشت الأمراض، ولقي على إثرها نحو ثلاثمائة ألف شخص مصرعهم، ثم لحقت السودان بالصومال في مناسبتين فصل بينهما ربع قرن بسبب الحروب الاهلية وكانت الاولى بين الحكومة السودانية والمليشيات المسلحة المعارضة لها عام 1998، والثانية منذ عامين بعد انطلاق الحرب بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) وقوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان.

وللحق فقد تداعت دول العالم لمواجهة المجاعات تحت شعارات الإنسانية، وهي الشعارات التي اختفت ولم نعد نسمع بها في مجاعة غزة التي يراقبها العالم، ولا يحرك ساكناً منذ عامين وتعامل معها بصمت قاتل رغم انها المجاعة والإبادة الأكثر توثيقاً في تاريخ البشرية، وبررت قيادات غالبية دول العالم فرض القوات الصهيونية المجاعة على أنه دفاع عن النفس، ليكون موقف قادة الدول الكبرى فاضح، وكأن غزة خارج الكرة الأرضية رغم ان القنوات الفضائية والإعلاميين الجدد يبثون صور مرعبة عنها كل يوم، ورغم ذلك يتذرع الجميع بأنها الطريقة الوحيدة لقتل قيادات حماس والتخلص من سيطرتها على غزة.

ليتعامل العالم الهمجي مع أهل غزة على أنهم خسائر حرب يمكن تحملها والتعايش مع قتل سكانها، ليتم السماح عالمياً لاحتلال الصهيوني باستخدام سلاح التجويع ضد الفلسطينيين في غزة، لتبلغ الأزمة الإنسانية ذروتها حين فقد السكان الغذاء والمياه بعد قطع الاحتلال إمدادات المياه، وكما تسبب نقص الوقود في إغلاق الآبار والمخابز ليلجأ سكان غزة لطحن أعلاف الحيوانات التي سرعان ما نفدت، ليصاب الغالبية العظمى من أطفال غزة تحت الخمس سنوات بمرض معدي حسب مؤشرات اليونيسيف ومنظمات دولية، ورغم كل ذلك لم يجرؤ أحد على إمداد أهل غزة بالطعام إلا طائرات الإغاثة الأردنية، فيما فشلت دول أوروبية ومنظمات عالمية في اختراق الحصار الصهيوني الذي لم يتوقف، بانتظار الثالث عشر من الشهر الحالي حين يقرر الرئيس الأمريكي ترامب برفع الحصار وادخال الطعام ليظهر بثوب القديس مانح الحياة.

آخر الكلام:

ما حصل في غزة سيكون عذراً لإبادات جديدة وفرض لمجاعات على دول عديدة دون اهتمام للقوانين الدولية التي أسقطتها الدول الكبرى، لتسقط العالم والبشرية في هاوية لا قرار لها.

مواضيع قد تهمك