ماجد توبة يكتب : ماذا بعد هيمنة اسرائيل على الإقليم؟!

ماجد توبه
من سخرية القدر ان الجميع اليوم يراهن على موقف من ترامب، على الأغلب لن يأتي قبل استكمال المهمة القذرة- لوقف المجاعة والموت الذي يملأ شوارع غزة، قصفا وجوعا وحصارا وتلوثا ومرضا وتدمير القطاع الطبي! بعد ان امعن العدو الاسرائيلي في ضرب عرض الحائط بكل القوانين والقيم الانسانية.
الدول العربية في غالبها باتت كالمُنبّت، لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، وبات ينتظر معنا نحن المنتظرين نهاية هذه الابادة والفصول التي قد تتبعها تهجيرا واحتلالا واستيطانا. لم يعد خافيا أن الفاعلين بالدول العربية ايدوا او لم يمانعوا او تغاضوا عن هدف اسرائيل منذ 7 اكتوبر المشهود بتدمير حماس وانهاء وجودها، ومثلها ايضا حزب الله، لكننا وصلنا اليوم ليس الى القضاء على حماس بل القضاء على غزة وتدميرها والى اكبر حرب ابادة حديثة وتجويع وحصار، اضيف لها ايضا تدميرا ممنهجا للضفة الغربية المحتلة وسلطتها في عملية لم تكتمل بعد لالتهامها بعد ان اسهم الجميع بتسييد اسرائيل على الاقليم كله!
حتى الخطة المصرية لاعادة الاعمار والتي طرحت بديلة لمؤامرة ترامب بالتهجير لم تجد، رغم التصريحات العلنية بالتاييد، دعما وتشجيعا عربيا حقيقيا يمكن ترجمته واقعا على الارض، ما ترك الرهان على خطة ترامب نتنياهو في التدمير والابادة.
تنقلب على ظهرك ضحكا وانت تسمع تصريحات الجولاني والدول العربية وهي تدين توغل جيش الاحتلال الاسرائيلي في سوريا بل وقصف نقطة قريبة من قصر "محرر الشام" الجولاني، فيما البلد تتجه نحو التقسيم بعد ان اسهم اسقاطها في تسمين قوة اسرائيل وقطع حبل تزويد حزب الله.
فيما تتنمر اسرائيل اليوم على من وقعت معها اتفاقيات "سلام" كالاردن ومصر ولا تخفي اطماعها فيهنا وفق اجندتها اليمينية.
اما ايران فتضغط اسرائيل بعد ان قلمت اظافرها بالمنطقة وباتت القوة الاهم، على ترامب للوصول الى اشعال حرب طاحنة معها، فيما تحاول تحجيم نفوذ تركيا في سوريا بعد ان اسهمت تركيا في ضرب اعداء اسرائيل في سورية ولبنان وصمتت صمت القبور عن تدمير غزة.
لقد وعدنا نتنياهو بشرق اوسط جديد وها هو يحقق جزءا كبيرا من وعده، فحتى التطبيع مع السعودية لم يعد مستعجلا عليه، وما زال الحديث للسلاح والحرب ومحاولة استكمال اطفاء ما تبقى من بؤر المقاومة، وتتويج اسرائيل القوة المهيمنة في الشرق الاوسط بدعم امريكي، لياتي بعدها حديث السياسة والدبلوماسية التي ستحصد ما تحقق بالحرب والتدمير.
نعود لغزة التي يحاولون تركيعها اليوم بتوسيع القصف والاحتلال والتجويع والابادة وسط صمت العالم، كم يمكن لهم الصمود مع عدو لا يؤمن بقوانين دولية وانسانية ولا قيم، بل ولم يعد يبالي بورقة اسراه لدى المقاومة؟ لقد قدمت المقاومة تنازلات عديدة للوصول لوقف اطلاق النار، لكن ذلك ليس مقبولا من العدو فهو يريد سلاح المقاومة ولا يريد الالتزام بوقف العدوان، وهو يراهن على كسر ممانعة المقاومة ليس بضربها هي بل بزيادة الابادة والمعاناة التي فاقت كل معاناة للحاضنة الشعبية، اي اهل غزة الابطال، ولا احد يعرف كم سيصبرون؟
ما يفوت العدو المندفع بالته العسكرية المدمرة بكل الاتجاهات ودعم حليفته الامريكية هو انه قد يكسب عقدا او عقدين من الهيمنة والقوة بعد هذه الانتصارات التي لن تمحو سقوط ردعه وصورة جيشه الذي لا يقهر في 7 اكتوبر مهما حقق من انجازات، لكن التاريخ، وتحديدا العدوان الحالي بكل الاتجاهات علمنا انها حرب وجود مع هذا العدو.. لا يمكن ان تسلم فيها الامة العربية بالهزيمة مهما بدت اليوم دولها هزيلة ضائعة مفتتة تحاول ان ترمي بعض دولها عبء القضية الفلسطينية عن ظهرها.. وان غدا لناظره قريب!
ــ الموجز الاخباري