د. محمد الحدب السرحان :صناعة الوعي والسلم المجتمعي في الأردن

تُعدّ صناعة الوعي والسلم المجتمعي من الركائز الأساسية لبناء المجتمعات المستقرة والمتماسكة. في الأردن، تتجلى هذه الركيزة في سياسات الدولة، وبرامج مؤسسات المجتمع المدني، والجهود الرسمية والأمنية التي تسعى إلى ترسيخ قيم التعايش والاحترام المتبادل.
يمتاز المجتمع الأردني بتنوعه الثقافي والديني، ما يفرض تحديات وفرصًا في آنٍ معًا. جلاله الملك عبد الله الثاني المعظم أخذ على عاتقه رسالة بناء الإنسان الأردني، وإعلاء قيمة القانون، واحترام التنوع، وتعزيز الحوار، وجعل من السلم المجتمعي عنوانًا رئيسيًا لكل سياسات الدولة، ومكونًا أساسيًا في خطابات العرش السامي وفي مبادراته الوطنية والإنسانية.
تدرك الدولة الاردنية بكل أذرعها وبناءاً على هذه الرسالة السامية، أهمية تعزيز الوعي بوصفه سبيلاً لمواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية. لذلك، إستمرت أجهزتها الرسمية وبشراكة مع منظمات المجتمع المدني والأهلي في العمل على إطلاق برامج توعوية وتثقيفية تعزز مفاهيم المواطنة والعدالة الاجتماعية ونبذ التطرف والتشظي. وما الدور الذي تلعبه الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، الاّ دوراً محورياً يصب في تنمية الوعي النقدي وثقافة الحوار وقبول الآخر، من خلال بناء بيئة أكاديمية منفتحة تُشجع البحث والمشاركة المجتمعية، لترسيخ القيم الإنسانية من خلال المناهج والنشاطات اللامنهجية المتنوعة.
تضطلع القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، وإلى جانب دورها في حماية الأمن الوطني، بمهمة نشر الوعي وتعزيز الانتماء من خلال حملات التثقيف، والمشاركة في المبادرات التنموية، والدفاع عن القيم الوطنية الجامعة، وتلعب دوراً بارزاً ومتقدماً في التصدي لخطاب الكراهية والتطرف عبر التنسيق مع المؤسسات الإعلامية والتعليمية والدينية. كذلك، تُعد المبادرات الشبابية والمجتمعية أدوات فعالة في نشر ثقافة السلم، من خلال إطلاق النشاطات الحوارية والتطوعية التي تعزز التعاون والتكاتف لإن صناعة الوعي والسلم المجتمعي في بلدنا العزيز مسؤولية وطنية جماعية، تتكامل فيها جهود الدولة، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني، والأجهزة الأمنية، لتأسيس مجتمع آمن ومتماسك. إن السلم المجتمعي لا يُبنى إلا حين يؤمن كل فرد فيه أن له دورًا، وأن له مسؤولية تجاه مجتمعه. إنه يبدأ من البيت، وينتقل إلى المدرسة، ثم إلى الجامعة، ليصبح ثقافة شعب بأكمله. ــ الراي