حسن صفيره يكتب : اخطاء الاخوان وصحوة المخابرات .. والأردن الذي لا يقبل القسمة على اثنين

حسن صفيره
في الوقت الذي تمت فيه "تصفية" وحظر جماعة الإخوان المسلمين في كثير من الدول العربية ومحاصرة اي بيئة داعمة لإحتمالية إعادة تموضعهم ووسمهم بالمنظمة الارهابية، تتجه الانظار بكثير من النقد المبهم ازاء جماعة الاخوان المسلمين في الأردن بالنظر للحالة "المخملية" التي يتمتعون بها مقابل مخرجات تواجدهم والتي لا تتسق وحجم المكتسب المعطى لهم، وقد وفرت لهم الدولة الأردنية فرصة ماسية لاقتناص 32 مقعدا نيابيا ما كان لهم ليحصدوه دون الجهود التي اشتغلت عليها الدولة عبر تحديث المنظومة السياسية وقانون الانتخاب.
الحالة المخملية التي يتكئ عليها الاخوان المسلمين لم يتم دفع كلفتها بالرصيد الوطني خاصتهم كما هو متوجب، يزيد في ذلك انهم اصحاب تجربة سياسية تقرب من عمر الدولة ما يزيد من حجم النقد والمسائلة عن حجم التقصير الذي وسمت به الجماعة اذا ما قورن باية انجازات وطنية تحسب لهم.
حالة المسائلة تتجاوز حالة العتاب لهم بيد ان الدولة الأردنية احتوت واعتبرت الجماعة جزءا من النسيج الاردني شارع واحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، وهو اعتبار اعلنه وقال به الملك الراحل الحسين بن طلال واعاده تأكيدا وتصريحا سيد البلاد الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الا ان الإخوان المسلمين اخفقوا برد الجميل وكأنهم اعضاء جماعة ونقطة وليسوا مواطنين اردنيين، وكأنه ولاءً للجماعة ولمرجعياتهم الخارجية اكثر منه لدولتهم الأم.
الاهم ، حالة الانجماد التي تمارسها الجماعة ازاء القضايا الوطنية، باستثناء نهج ركوب الموجة في حراك الشارع الرافض للتسويات والاتفاقيات المرتبطة بدولة الكيان، نعم اعلن الاخوان مرارا وتكرارا موقفهم الرافض للاملاءات الصهيوامريكية في ادارة الشأن العربي واعلنوا بالمثل بل واستغلوا حرب دولة الكيان على غزة لكسب تأييد الشارع، لكن ذلك قطعا ليس بكاف، فعبر المقاعد الخشبية الـ 32 في مجلس الشعب لم يقدم الاخوان عبر نواب الجبهة اي برامج سياسية تستجلي موقفهم في دعم وتمتين الموقف الرسمي الاردني لقضايا المنطقة لا القضية الفلسطينية فحسب، ما يثير التساءل والتشكيك حيال اي ضوء اخضر ينتظره الاخوان ومن مٓن ليفصحوا ويعلنوا ويتخذوا موقفا وطنيا اوحدا يليق بموقف الدولة تجاههم..؟؟؟
مواقف الإخوان في حراكهم واعلاناتهم وتصاريحهم بما يتعلق بالشأن الوطني البحت لا تُشبه الأردنيّ فينا، ردود افعال بلاستيكية لا لون او طعم او رائحة دون غيرة ورباطة جأش وحمية، يضعون انفسهم تحت مضمار التشكيك ازاء مظلة خارجية مفترضة قد تحمي وجودهم التنظيمي بكل ما يحمله من احتكار للمصلحة الفردية لشخوص الحزب والجماعة، ويعتقدون إن أي تجاوزات من قبلهم سيتم احتسابها في سياق ضربة جزاء لن تكون بحجم الكلفة الحقيقية لتلك التجاوزات لا سيما اذا كانت تجاوزات تستهدف المساس بصلابة الموقف الاردني بالشأن العربي والفلسطيني لحساب اجندات لا تريد اي خير للاردن ولشعب الاردن.
أخطأ الإخوان في التعاطي مع المشهد الغزي فبعد استثمارهم للورقة الغزية في الانتخابات النيابية بدأوا بعد المرحلة الثانية من الحرب لمحاولتهم المستميتة لنقل الصراع على الساحة الأردنية وبممارسة نهج امبراطوريون اكثر من الامبراطور ذاته، مقدمين انفسهم صاحب ولاية ولسان حال حركة المقاومة في فلسطين وعلى رأسها حركة حماس في مناصرة اعتباطية مفتوحة يصفها اصحاب عين ثاقبة بأنها متاجرة اكثر منها مناصرة خدمة لمن املى عليهم الموقف ودون ادنى اعتبار لتداعيات موقفهم على الاردن لا سيما ازاء تربص الادارة الامريكية ضد الاردن، وما تبع ذلك من "ولدنات" قام بها اتباعهم بالهتافات المسيئة التي تمس بالجيش، ولا انتهاء بالتعنت والمكابرة في استقطاب الشارع والدعوة للإضراب والعصيان المدني ودون ادنى اعتبار للمصلحة الوطنية العليا وتقدير حساسية الموقف الاردني الذي يحتاج للإصطفاف وليس حصد الشعبويات كما يفعل الاخوان !!
الأسئلة المشروعة أمام تخبط وشبهات موقف الاخوان تصدح بقوة حيث موقف الدولة الاخلاقي الواعي من وجودهم وحرص الدولة على التعامل معهم كطرف في نسيجنا الوطني، وحرصها على نهج التشاركية مع الجسم الحزبي ومنهم الاخوان بطبيعة الحال،والحفاظ على كل اشكال التوافق الوطني بماذا قوبلت من الاخوان سوى رمي الحجارة في المياه الراكدة والصيد في المياه العكرة وابداء موقفها الضمني بأن مصلحة شخوصها أهم من مصلحة الدولة الأردنية !!
وبعيدا عن فكرهم الإقصائي والظلامي فسياسة الإخوان مرفوضة على كافة الصعد الرسمية والشعبية وان كانوا يمثلون نصف مليون أردني حسب ما حصدت قائمتهم الحزبية فهنالك ايضاً 10 ونصف مليون مواطن لا يحق لهذه الجماعة أو غيرها التحدث باسمهم أو تمثيلهم كما لا يجوز استثنائهم ومصادرة رأيهم فهم الغالبية العظمى وولائهم خالص للعرش والملك والوطن دون مزايدات على احد كما أن كلمتهم موحدة بأتجاه مصلحة الأردن وسلامته بإيمان مطلق وستكون لهم الكلمة المفصلية العليا ان حادت هذه الفئة أو شبيهاتها عن بوصلة الوطن الذي هو الاساس والمتراس وتاج الرأس ولا يقبل القسمة على اثنين .
ــ الشريط الاخباري