سلطان حطاب يكتب : أبو جهاد ما زال ملهما

– كتب سلطان الحطاب –
أين أنتم من أبو جهاد، القائد الشهيد خليل الوزير، الذي اغتالته اسرائيل في منزله في تونس؟
هل ما زلتم تذكرونه؟ أم انتم من تنتسبون الى مسيرته، لقد ترك فيكم ما لم تضلوا ما تمسكتم وهو النضال ضد عدوكم الذي أخرجكم من دياركم وقتلكم وما زال يبيدكم في غزة وعموم فلسطين.
الانتساب لابي جهاد وهو بتكريس نهجه الذي كان أول الرصاص وإلا فإن خلاف ذلك التفاف على تراثه وذكراه.
كونوا معه لتكونوا مع فلسطين، كونوا على نهجه لتكونوا جديرين بفلسطين.
جاء أبو جهاد من الوجع شاباً وهو يقول "أن القيادة الفلسطينية بعد عام 1948، ارتكبت خطأ فادحاً مميتاً تمثل برضوخها للقرار العربي هنا كانت الخطيئة الأولى.
كان يرى أنه على القيادة أن تصر على خيارات احياء الكيان الفلسطيني، وكان عليها ان تتمسك بوحدتها، وأن تحمل راية الحكومة والكيان الفلسطيني ويقول "كانت قيادة هشة الى الدرجة التي اندرات من حاكم عربي جعلها تتراجع (180) درجة عما أرادت.
وامتدت الخطيئة، ويقول أبو جهاد "كانت في ان يقول حاكم عربي لقائد فلسطيني أرحل عن وطنك فيرحل ويلبي!.
كان أبو جهاد يرى أن المشكلة بداية في غياب القرار الفلسطيني وفي السماح لمصادرته، ولذا كان نهجه يقوم على مبدأ عدم الانصياع للقرار العربي، والأخذ بمبدأ الاستقلال الفلسطيني، وهو امر قال عنه انه لا يمكن التفريط به
لم يكن يروق لأبي جهاد ومن جاء معه في نفس اللحظة أو تبعه فيها ان يكون الأمين العام للجامعة العربية هو من ينطق باسم فلسطين، في الوقت الذي عملت أطراف عربية في الجامعة على تجريد الفلسطينيين من سلاحهم، بل حتى التطاول للوصول الى حلمهم حين كانوا يعاقبون، إذا ما سموا شيئاً في حياتهم لفلسطين أو بأسم فلسطين، لقد كان الخطاب آنذاك والذي تصدر المشهد بعد النكبة هو أن يركن الفلسطينون (عرب فلسطين) حسن نوايا الصديقة بريطانيا من أجل حقوقهم.
فما الذي تغير اليوم يا أبو جهاد بعد رحيلك؟ وهل ما زال العرب لا يركنون الى حسن نوايا الصديقة امريكا، وأيضاً الصديقة اسرائيل التي أمهروها بتطبيع زوجوا فيه بناتهم للاسرائيليين.
لقد أرادوا من الفلسطينيين أن ينتظروا المخلص العربي الذي لم يأت وهو المخلص الذي سقط حين قال عبد الناصر أن لا خظة لديه لتحرير فلسطين،
غابت فلسطين من طول الانتظار وحين نهضت عنقاء فلسطين من الرماد في (7) اكتوبر سخروا منها وأدانوها بل وتآمروا عليها.
لقد غابت فلسطين ولم تحضر الاّ لتودع شهدائها بالآلاف في غزة دون شموع وأكفان، رغم ان العرب لم يبخلوا بالأكفان التي كانت بديل الدواء والخبز في تعداد الشهداء والجرحى ووصف حرب الابادة وما زالوا.
وحين عثر أبو جهاد على الوصفة لاستعادة القرار عشية الأول من يناير عام 1965، سجن في دمشق، رغم صهيل الشعارات والمزايدات وزج في السجن مع الرئيس عرفات، لانهم تلبسوا بخريطة البداية، كما طرد من أكثر من عاصمة عربية، وحظر عليه العمل الى ان كان الحصار في بيروت والقتال منها أهون عليه ورفاقه من أيّ مكان آخر، وحتى حين جرى اقتلاعهم من لبنان الى تونس، لم تكن الجغرافيا وسطوتها قادرة أن تقطع الحبل السري بينه وبين فلسطين التي كانت حاملاً بالمقاومة، الانتفاضة التي نفخ فيها من ارادته.
وكان يعلم وهو المخطط لمهاجمة مفاعل ديمونة النووي الاسرائيلي والمخطط لاحتلال وزارة الدفاع الاسرائيلية، أن سيقتل ويستشهد، فكان جاهزاً لدفع الثمن في ليلة كان النظام العربي في تونس مجازاً بعد سهرة طويلة تشبه السهرة المصرية عشية الخامس من حزيران حين حصدت اسرائيل الطائرات في المطارات كما يحصد الزرع في يوم من أيام السموم، وتصح نبؤة أبو جهاد في قضية حسن النوايا.
كان السؤال الذي هو كيف يمكن كسر الحلقة لاستعادة القرار الفلسطيني المنهوب، وحين جرت الاستعادة الأولية، كان الثمن باهضاً وما زال يدفع بالدماء والشهداء والقتل حتى الآن وما زال المصادرون للقرار الفلسطيني والعربي يحولون العالم العربي الى رماد والى كهف والى أجساد منزوعة الإرادة، بعد أن كانت وصفة التطبيع والالتحاق بالعدو الى مغارته هي الوصفة الأمريكية المنقذة!
رحمك الله يا أبا جهاد، فهل غابت بصيرتك اليوم عن رفاقك وهل ضلوا الطريق وعادوا ليرهنوا القرار مرة أخرى حين اختلفوا، اختلاف شاور وضرغام بعد صلاح، موت صلاح الدين، الذي تسارع اولاده للاستعانة بالفرنجة لنصرتهم على بعضهم مقابل التنازل عن القدس.
ستبقى ذكراك عطرة، وسيكون لصوتك والصدى وانت تقول (رأسنا سيبقى في السماء، واقدامنا مغروسة في تراب وطننا، نعبد بها طريق النصر والعودة الأكيدة والبوصلة لن تخطئ الطريق ستظل تشير الى فلسطين تخاطب من يا أبا جهاد (لقد أسمعت).
ــ عروبة الاخباري