علي ابو حبلة : إسرائيل غيرت من جغرافية وطبوغرافية المخيمات وتمهد للضم

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيِين (أونروا) أن مخيمات جنين وطول كرم ونور شمس في شمال الضفة الغربية أصبحت غير قابلة للسكن بسبب الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ، وأشارت الوكالة في بيانها الصحفي ألجمعه ، إن عمليات الهدم الواسعة في هذه المخيمات تمثل نمطًا جديدًا مقلقًا يترك آثارًا غير مسبوقة على اللاجئين الفلسطينيِين ، وأكدت أن هذه العمليات تستهدف تغيير الخصائص الأساسية لهذه المخيمات بشكل دائم.
العدوان على المخيمات في شمال الضفة الغربية هو الأطول منذ ألانتفاضه الثانية ، وقد أسفر عن أكبر موجة نزوح فلسطيني في الضفة الغربية منذ عام 1967، حيث أجبر الاحتلال نحو 40 ألف شخص على النزوح قسرا من منازلهم.
وأوضحت الأونروا أن مخيّمات جنيِن وطٌولكرم ونور شمس قد أُخليت تقريبًا من سكانها، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المنازل. وفي ظل هذه الظروف، يواجه الفلسطينيون احتمال عدم وجود مكان يعودون إليه.
ومنذ حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزّة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد نحو 930 مواطنا، وإصابة قرابة 7 آلاف آخرين، واعتقال 14500 مواطن.
إن العدوان الإسرائيلي الموسع على مخيمات شمال الضفة الغربية وتحديدا مخيم جنين ومخيم طول كرم ونور شمس والفارعة يهدف إلى إحداث واقع جديد عبر تغيير المعالم الجغرافية للمخيمات حيث عمدت إلى تدمير البني التحتية وهدم المنازل وشق الشوارع لتصبح المخيمات بيئة طارده للحياة والهدف تفكيك الحاضنة الشعبية للمقاومة
ويواصل الجيش الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها منذ 48 يوما، وفي مدينة طولكرم ومخيمها لليوم 41، بينما وخلف العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية ما يزيد على 60 شهيدا فلسطينيا، وفق وزارة الصحة، إلى جانب نزوح آلاف آخرين، ودمار واسع في الممتلكات والمنازل والبنية التحتية.
ومع استمرار العدوان على شمال الضفة الغربية ، تبرز الأهداف السياسية الإسرائيلية ولعلّ أهمّها تهجير سكان المخيّمات، وشطب كينونتها الجغرافية والديموغرافية والسياسية، وفق ما اتّضح خصوصاً من تصريحات وزير الحرب كاتس الذي تفاخر بتهجير 40 ألف فلسطيني من مخيّمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين.
القضاء على المخيمات بوجهة نظر اسرائيليه تعني إسقاط حق العودة وشل قدرات عمل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» داخل هذه المخيّمات، فضلاً عن أن بقاء قوات الاحتلال حتى نهاية العام الجاري، وفق ما يخطّط له كاتس، يهدف إلى منع السكان من العودة إلى المخيمات عبر جعْلها غير صالحة للحياة، وإعلان احتلال تلك المناطق بشكل كامل، وهو الأمر الذي يقود إلى تقويض السلطة الفلسطينية والحد من صلاحيتها
إعلان كاتس عن نية حكومته التوسع في عملية السور الحديدي وما كشفت عنه بعض المصادر العبرية ،عن إقامة معسكرات أو نقاط عسكرية دائمة فيها، لن يقتصر على مخيمات شمال الضفة، في ظلّ تأكيد وزير الحرب أن العملية ستتواصل لتشمل مخيمات ومراكز فلسطينية أخرى، ضمن استراتيجية تهدف إلى تفكيك فصائل المقاومة وتدمير بنيتها العسكرية. ويبدو أن إسرائيل تسعى من خلال عدوانها المستمرّ إلى خلق واقع جديد من دون مخيّمات، خصوصاً أن كاتس أكّد أن «لا عودة إلى الوضع السابق»، وأن العمليات العسكرية ستستمرّ حتى «القضاء التامّ على الإرهاب»، في إشارة إلى استمرار سياسة التهجير وتكريس الوجود العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة.
التصعيد العسكري في شمال الضفة الغربية ، والذي جاء بضغط وطلب من القيادة السياسية الإسرائيلية ، يندرج في إطار مخطط مشروع الضم، دون اكتراث لتحذيرات المؤسسة الأمنية والتداعيات التي يمكن أن تترتب على ذلك وهناك تصور واعتقاد أن ألفرصه مواتيه ولن تتكرر لتصفية القضية الفلسطينية، بما فيها قضية اللاجئين و»وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» والمخيمات، من أجل «ضم الضفة الغربية ومواصلة التطهير العرقي» وإقامة احتلال طويل الأمد.
بات مطلوب من دول العالم وضع حد للتمادي الإسرائيلي في ظل استمرار العدوان وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزه بعد إغلاق كافة المعابر ومنع إدخال المواد الاغاثيه وأن سياسة اسرائيل للتجويع والتهجير والتدمير تندرج تحت سياسة الفصل العنصري وسياسة الابرتهايد وجميعها خرق فاضح للقوانين والمواثيق الدولية والاستمرار بهذا النهج وهذه السياسة يعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر.