قصي حمدان الجمال : حوكمة العمل التطوعي في الأردن.. نحو تنظيم أكثر استدامة وفعالية

يشكل العمل التطوعي ركيزة أساسية في تعزيز التضامن المجتمعي والتنمية المستدامة، حيث يسهم في تمكين الأفراد من المشاركة الفاعلة في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وفي الأردن، يعتبر التطوع جزءًا مهمًا من النسيج المجتمعي، إلا أن استدامته وفعاليته تتطلبان إطارًا حوكميًا واضحًا يضمن تنظيمه بشكل منهجي ومسؤول.
فيخضع العمل التطوعي في الأردن لعدة أطر قانونية تهدف إلى تنظيمه وضمان فاعليته، ومن أبرزها:
اولا: قانون الجمعيات رقم 51 لسنة 2008 وتعديلاته
ينظم هذا القانون عمل الجمعيات والمنظمات غير الربحية التي تُعد الحاضنة الرئيسية للعمل التطوعي. ويشترط القانون تسجيل الجمعيات لدى وزارة التنمية الاجتماعية، مع إلزامها بتقديم تقارير دورية حول أنشطتها وتمويلها لضمان الشفافية والمساءلة.
ثانيا: التعليمات التنظيمية للعمل التطوعي
أصدرت وزارة التنمية الاجتماعية تعليمات خاصة لتنظيم العمل التطوعي، حيث تشترط أن تكون المبادرات التطوعية تحت مظلة الجمعيات المسجلة رسميًا، مما يضمن خضوعها للمراقبة والحوكمة.
ثالثا: الميثاق الوطني للعمل التطوعي
يهدف هذا الميثاق إلى تعزيز الالتزام بأخلاقيات العمل التطوعي من خلال وضع معايير واضحة تحكم العلاقة بين المتطوعين والجهات المستفيدة. ويشمل مبادئ الشفافية، المسؤولية، النزاهة، والعدالة في توزيع الفرص التطوعية.
أهمية حوكمة العمل التطوعي
تسهم الحوكمة الفعالة في تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها:
1- ضمان الشفافية والمساءلة: من خلال إلزام الجمعيات والفرق التطوعية بتقديم تقارير دورية عن أنشطتها ومصادر تمويلها، مما يقلل من احتمالات الفساد أو إساءة استخدام الموارد.
2- تعزيز استدامة العمل التطوعي: يضمن الإطار الحوكمي استمرارية المبادرات التطوعية وعدم ارتباطها بأفراد أو جهات معينة، مما يحافظ على استدامتها عبر الأجيال.
3- تحقيق التكامل بين المتطوعين والجهات المستفيدة: حيث تساعد القوانين والتعليمات في توجيه جهود المتطوعين نحو الأولويات الوطنية مثل مكافحة الفقر، دعم التعليم، والرعاية الصحية.
التحديات التي تواجه حوكمة العمل التطوعي: على الرغم من الجهود المبذولة لتنظيم العمل التطوعي، إلا أن هناك عدة تحديات ما زالت قائمة، أبرزها:
1- تعقيد إجراءات تسجيل الفرق التطوعية: يتطلب إنشاء فريق تطوعي إجراءات قانونية قد تكون معقدة، مما قد يحد من مشاركة بعض الأفراد والمجموعات.
2- ضعف الوعي بأهمية الحوكمة: لا تزال بعض الفرق التطوعية تعمل بشكل غير منظم، مما يؤدي أحيانًا إلى عدم الكفاءة أو إهدار الموارد.
3- نقص التمويل والدعم المؤسسي: تحتاج المبادرات التطوعية إلى تمويل مستدام، وهو ما يتطلب تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والمجتمع المدني لدعم هذه الأنشطة.
سبل تطوير حوكمة العمل التطوعي في الأردن
لتعزيز الحوكمة وضمان فاعلية واستدامة العمل التطوعي، يمكن اتخاذ عدة خطوات، منها:
اولا: تبسيط إجراءات تسجيل الفرق التطوعية: من خلال تسهيل متطلبات الترخيص وتقليل البيروقراطية، يمكن تمكين المزيد من الأفراد من المشاركة في العمل التطوعي الرسمي.
ثانيا: إطلاق منصات إلكترونية لإدارة التطوع: يمكن للحكومة أو الجهات المعنية تطوير منصات رقمية تربط المتطوعين بالفرص التطوعية، مع إمكانية تتبع أنشطتهم وإصدار شهادات موثقة لهم.
ثالثا: تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص: يمكن للشركات والمؤسسات الكبرى تقديم دعم مالي ولوجستي للفرق التطوعية، مما يسهم في توسيع نطاق الأنشطة المجتمعية.
رابعا: تدريب المتطوعين على أسس الحوكمة والمساءلة: من خلال توفير برامج تدريبية حول الشفافية والمسؤولية في العمل التطوعي، يمكن بناء كوادر أكثر كفاءة والتزامًا بالمعايير المهنية.
فيُعد العمل التطوعي في الأردن عنصرًا أساسيًا في تعزيز التنمية الاجتماعية، لكن استدامته وفعاليته تعتمد على تطبيق معايير الحوكمة بشكل أكثر تنظيمًا. ومن خلال تحديث الأطر القانونية، وتبني ممارسات شفافة، وتعزيز الشراكة بين الجهات المختلفة، يمكن تحقيق نقلة نوعية في مجال التطوع، ليصبح أكثر تأثيرًا واستدامة في دعم المجتمع الأردني.
Qosai90j@Gmail.Com