نبيل غيشان يكتب : ماذا نريد من قمة القاهرة؟

تعقد القمة العربية في القاهرة (الثلاثاء) وقد وصل النظام الرسمي العربي الى أسوأ مراحل انعدام الوزن وفقدان التأثير وبات يقف على حافة الهاوية، فهل "نكون او لا نكون"؟
كعادتها الشعوب العربية لا تنتظر كثيرا من القمم العربية بخصوص القضية الفلسطينية سوى بيان ختامي يستنكر ويستهجن ويدين مواقف دولة الاحتلال واستمرار عدوانها وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. وحدها قمة بيروت 2002 وضعت مبادرة عربية شجاعة للحل، لكن للأسف لم نعرف كيف نديرها ونقنع العالم بها.
يجتمع ملوك وزعماء العرب الآن للرد على طرح الرئيس الأمريكي ترمب لفكرة تهجير أبناء قطاع غزة، لان نجاح خطة ترمب في التهجير والاستيلاء على قطاع غزة يعني إنهاء قضية العرب الأولى على حساب الشعب الفلسطيني ومصر والأردن.
وبالتالي فان فشل القمة في سحب البساط من تحت أقدام الرئيس ترمب يعني بالتأكيد انهيار النظام الرسمي العربي لان لا مبرر لبقائه بعد ذلك.
طبعا لن تعجز القمة في تقديم البديل الذي يطلبه ترمب. لكن هل المطلوب فقط الرد على خطة التهجير وإعادة إعمار قطاع غزة بأي ثمن؟ أم وضع تصور نهائي لحل القضية الفلسطينية لإنهاء الصراع وجلاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية؟
لا اعتقد أن اغلب الدول العربية تريد أن تقدم خطة بهدف إنقاذ حكم حركة حماس في غزة بقدر ما هي لا تريد أن تكون عونا لدولة الاحتلال في محاصرة المقاومة الفلسطينية وإنهائها. لان بقاء فكرة المقاومة هو الداعم الوحيد لبرنامج السلام الذي يتمسك به العرب، وسلاح المقاومة هو حق مشروع للشعوب تحت الاحتلال وهو الأساس في مواجهة مشاريع التصفية وهو الذي يرفع من كلفة الاحتلال على إسرائيل ويضغط عليها للتفاوض.
وقد فوت العرب فرصة سنحت لهم في دعم المقاومة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى الذي اسقط كثيرا من المسلمات التي فرضها العدو ولكنهم تركوا المقاومة مكشوفة بلا غطاء سياسي مما أعطى الاحتلال فرصة الإمعان في الإبادة والتدمير الى أن جاء التهجير.
ما رشح من أروقة الجامعة العربية أن القمة لديها مشروع مصري لإعادة بناء القطاع المدمر بدون تهجير سكانه، وهذا يكفي للرد على فكرة التهجير التي طرحت كخطوة للذهاب الى الإعمار، لكنها خطوة ستبقى عاجزة عن حل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع.
المطلوب من القمة أن تفتخر بصمود الشعب الفلسطيني وان تضغط على دولة الاحتلال، وليس على المقاومة، وان تحمل الاحتلال ومن يدعمه دوليا مسؤولية ضياع فرص السلام واستمرار الحروب والدمار، وبالتالي ضياع فرص الهدوء في المنطقة وفي إسرائيل نفسها نتيجة تهور القيادة اليمينية المتطرفة.
على القمة العربية أن توجه رسالة واضحة لأمريكا وكل دول العالم الحريصة على أمن وسلامة ومستقبل إسرائيل بان ذلك لن يتم إلا بحماية إسرائيل من نفسها وتطرفها ونازيتها، وبالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وجلاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية.
ونطالب القمة العربية ببيان حازم وواضح كفرصة أخيرة للنظام الرسمي العربي كي يبقى على قيد الحياة وكخطوة على طريق السلام والهدوء في المنطقة والعالم. هذا البيان يجب أن يتضمن ما يلي:
أولا: أن تؤكد القمة على مبادرة السلام العربية وان تربط التزام إسرائيل فيها بالتهديد بتجميد كل العلاقات العربية مع الاحتلال الى حين التزامها بمبادرة قمة بيروت 2002 .
ثانيا: أن تؤكد القمة على أن إسرائيل لا تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحاول أن تتنصل من الدخول في المرحلة الثانية منه، كما لا تلتزم بوقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني من خلال عدم انسحابها من الأراضي اللبنانية وخرقها للسيادة السورية وتهديد وحدة أراضي سوريا.
ثالثا: يجب الربط بين إعادة إعمار قطاع غزة وإقامة السلام الدائم لان استمرار الصراع يعني أن لا قيمة لإعادة الإعمار إذا كان العدوان سيستأنف العدوان على غزة بعد سنة او خمس او أكثر.
رابعا: عدم الموافقة على خطة ترمب (وهي بالأصل خطة نتنياهو) في الربط بين الإعمار وبين إخراج قادة حماس من قطاع غزة ونزع سلاح حماس، لان الدول العربية هنا ستصبح أداة للاحتلال في فرض ما لم يستطع فرضه بالحرب والعدوان والإبادة.
خامسا: قطاع غزة أرض فلسطينية ولا سلطة فيها إلا للشعب الفلسطيني ومؤسساته الشرعية.