الأخبار

بشار جرار : أصوام أقوام

بشار جرار : أصوام أقوام
أخبارنا :  

ثمة فرص في الحياة الدنيا، يا سعد من اغتنمها. بعضها يأتينا، يسعى إلينا، يدق أبواب ديرتنا، بيوتنا وحتى مخادعنا وخلوات صلاتنا وتعبّدنا وطاعاتنا، وما أعظمها في مواقيت الصيام.
للأقوام أصوام. ولو شاء رب الأرباب سبحانه رب الناس أجمعين، لجعلنا أمة واحدة. لكنه جل جلاله، عظُمت محبته وحكمته، أراد الناس أحرارا، وهو ضابط الكل، وهو المسيطر على المخلوقات والأشياء كلها دون سلب أعظم ما خلق -الإنسان- إرادة القرار ومن قبلُ حرية الاختيار.
الدارس في الأديان والمذاهب والطوائف يسهل عليه رؤية الفوارق من حيث المواقيت والمدد، والمحبب والمكروه والمحرّم والمتاح، للصائمين والصائمات، البالغين الراشدين، كبارا أم صغارا سنا وخبرات في الحياة، طالت أم قصرت.
لكن ما لا يدرك إلا بالتأمل والنظر مليا ومرارا، في عظمة الصيام وحكمة الصوم هو ذلك التدريب الروحي أولا ومن ثم العقلي ومن بعدُ النفسي، فالنفسي الجسدي، أو النفسجسمي لكل ما يخص الإنسان ككائن حي، لا ترتبط حياته في عمره على الأرض فقط، فثمة حياة بانتظارنا جميعا نسأل الله أن نسعد بها، والخير خيران إن طالت أيامنا -بخير- في الأرض، ودامت بعد رحيلنا عن الأحبة، ذكرانا إن كانت عطرة فخيرا، وإن كان غير ذلك فالله أحكم الحاكمين، وإن كانت لا تعني شيئا لمن شاركناهم فضاء هذا الكون، فتلك خسارة. لكل منا دوره في هذه الحياة وسنسألن عن ذلك في يوم لا ريب فيه، من لدُن مالك الأمر من قبل ومن بعد، سبحانه.
لا وعظا ولا تنظيرا، هي مجرد فكرة، بزنة وحجم حبة خردل أضعها عبر هذا المنبر الكريم -الدستور الغراء- بين راحتي كل فرد من علماء الدين- رجال الدين، الأديان كافة. بعد ما نشر الأسبوع الماضي عن تصدر الأردنيين المدخنين في العالم لا بد من قرع الجرس، قرع الأجراس ودق النواقيس كلها لتحقيق صحوة فنهضة صحية شاملة. أولسنا جميعا نؤمن -مسلمين ومسيحيين- بأن أرواحنا وأجسادنا وأسرنا وأوطاننا وأملاكنا أمانة نسأل عنها؟ فأي أولوية أكثر من محاربة التدخين بشتى الوسائل وأكثرها فاعلية واستدامة، الحافزية الإيمانية.
صوما هنيئا مباركا لمن تداخلت أيام صيامهم المباركة مرة أخرى في هذا العام المبارك بعون الله، علها فرصة وطنية كتلك التي تنشط فيها مبادرات الإيخاء الإيماني والوطني، لا عيشا ولا تعايشا مشتركا فقط، بل وحدة حال ومصير.. التدخين بأنواعه، كما الإدمان بأشكاله ودرجاته، حرامٌ حرامٌ حرام.. لا يستدعي الأمر لا فتوى ولا اجتهاد، ومن استطاع رد هذا التحريم بالثلاث، ولو بآية واحدة بنص من القرآن الكريم أو الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، فليتفضّل مشكورا بحجته وببيانه. وغدا بمشيئة الرحمن، عرض تفصيلي لحلول مقترحة عملية في متناول يد كل واحد منا، دون الحاجة إلى قرار مجلس وزراء ولا تشريع من مجلس الأمة، في حال غياب الرد!

مواضيع قد تهمك