ماجد القرعان يكتب : ما بعد لقاء ترامب
![ماجد القرعان يكتب : ما بعد لقاء ترامب](/assets/2025-02-13/images/281213_1_1739473128.png)
كتب: ماجد القرعان :
مجموعة من الرسائل برزت نتيجةً للاستقبال الشعبي المهيب لجلالة قائد الوطن، بعد عودته من رحلة العمل التي قام بها إلى الولايات المتحدة، والتي حرص خلالها على لقاء العديد من كبار الشخصيات الأمريكية السياسية والاقتصادية، إلى جانب إجراء مباحثات مع رئيسها. وقد انتهت هذه المباحثات بخروج ترامب بقناعة عبّر عنها لاحقًا، مفادها أن ملك الأردن قائد عظيم، مخلص لشعبه، ورافض لمقترحاته بخصوص غزة على وجه الخصوص، والقضية الفلسطينية ومستقبل شعبها.
أولى هذه الرسائل أن في الأردن شعبًا شديد البأس، ملتزمًا بنظامه، ويقف بصلابة وقوة خلف قيادته. وهو شعب ذو تاريخ مجيد، إذ دخلت دولتهم مئويتها الثانية قبل أربع سنوات، وواجهوا خلالها الكثير من التحديات، ورغم ضعف الإمكانيات، كانوا يخرجون منها أقوى وأصلب من ذي قبل.
ثانيها أن الأردنيين، من كافة الأصول والمنابت، على قلب واحد، وجاهزون لمواجهة أية تحديات تفرضها تداعيات الصراع في المنطقة أو التطورات الدولية. فهم يعتبرون أرضهم وقيادتهم خطوطًا حمراء، يفدونها بأرواحهم.
أما ثالث هذه الرسائل، فهو أن موقف جلالة الملك، الذي عبّر عنه خلال لقائه الرئيس الأمريكي ترامب، ونقلته كبرى وسائل الإعلام دون تحريف، كان موقفًا دبلوماسيًّا رفيعًا. فقد عُرف جلالته بأنه عرّاب الدبلوماسية، إذ رفض بلباقة القائد الواثق من نفسه جميع مقترحات الرئيس الأمريكي بخصوص غزة ومستقبل سكانها والقضية الفلسطينية، مؤكدًا:
أولًا، أن مصلحة الأردن وشعبه فوق كل اعتبار.
وثانيًا، أن القضية الفلسطينية، وتداعيات الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على غزة بدعم غير محدود من الولايات المتحدة وحلفائها، هي مسؤولية جميع الدول الغربية. وعليه، طالب ترامب بانتظار الرد العربي.
إن شخصية الملك عبدالله الثاني، التي يعرفها كافة قادة العالم الذين التقاهم، لا تسمح بتصرفات غير محسوبة النتائج. فقد اعتاد في تعامله على استخدام أجمل المفردات وأفضلها في إيصال أفكاره وقناعاته، التي أساسها المنطق والموضوعية والاحترام المتبادل.
بتقديري، استطاع جلالته، بدبلوماسيته الشجاعة، أن يضع الكرة في ملعب القادة العرب لمواجهة تحدٍّ من نوع جديد، يحاول رئيس أكبر دولة في العالم فرضه. وفي هذا الصدد، أعجبني حديث الرئيس المصري السيسي، الذي لخّصه بقوله إنه لا يستطيع معارضة موقف الشعب المصري، الرافض جملةً وتفصيلًا لتصريحات ترامب بشأن غزة والقضية الفلسطينية. وأعتقد أن هذا الموقف لزعيم أكبر دولة عربية يمكن البناء عليه بسهولة من قِبل كافة القادة العرب.
من المؤسف أن بعض الساسة العرب يعتبرون الولايات المتحدة بُعبعًا، ويرون أن على العرب الإذعان لمطالبها دون أدنى نقاش. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل جرّبوا، ولو لمرة واحدة، التوافق على موقف مخالف لرغبة الدولة العظمى؟ والمعروف دوليًّا أن من يسيطر على قرارات الولايات المتحدة ويفرض توجهاتها هم الصهاينة، وذلك على حساب مستقبل الولايات المتحدة ورفاه شعبها ودافعي الضرائب فيها.
بتقديري، وبعد المواجهة الشجاعة لجلالة الملك لرئيس أكبر دولة في العالم، باتت الفرصة سانحة أكثر من قبل ليجلس قادة العرب على الطاولة، للخروج بموقف واحد يحفظ ما بقي من كرامة الأمة.
وكما ينطبق هذا الأمر على الدول العربية، فإنه ينطبق أيضًا على قادة الدول الإسلامية، ليحرروا قراراتهم الوطنية من هيمنة الدول المسيطرة على ثرواتهم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.