الأخبار

حسين الرواشدة يكتب: نحن و «ترامب» : مرافعات برسم النقاش

حسين الرواشدة يكتب: نحن و «ترامب» : مرافعات برسم النقاش
أخبارنا :  

‏كيف نتعامل مع «دونالد ترامب»، والعكس صحيح أيضا؟ أصداء هذا السؤال تتردد في فضائنا العام؛ ما حدث بعد 7 أكتوبر يضيف المزيد من مشروعية الطرح والقلق، في الذاكرة، أيضا، تجربة تاريخية مع الرئيس المتجدد (2016 - 2020 ) انتهت إلى صفقة القرن، تل أبيب حاضرة بقوة في المشهد، لا يوجد بين عمان وواشنطن أي مستجد لتعكير صفو العلاقات والتحالفات، ولا تضمر إدارة ترامب، كما نقل عن مسؤولين اردنيين، نوايا تستهدف الأردن، نقطة الخلاف الوحيدة تتعلق بالقضية الفلسطينية وما تفكر به إسرائيل من أجل تصفيتها، وقد يكون لنا نصيب من هذا الاستهداف، او يترتب علينا ثمن يُراد لنا أن ندفعه.
‏لكي تتضح الصورة أكثر ؛ مصدر القلق الأردني تجاه المرحلة» الترامبية» يتعلق بموقف إسرائيل من الضفة الغربية، الأردن يرفض التوطين والتهجير والمس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، يرفض الكونفيدرالية والخيار الأردني وأن نذهب إلى الضفة الفلسطينية تحت أي مسمى، لا مصلحة للأردن بصدام مع أي طرف، ولا بتقويض تحالفاته، ولا بالتنصل من معاهد السلام في هذه المرحلة، لا يستطيع الأردن أن يتحمل وحده مسؤولية القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن يتحرك بمعزل عن عمقه العربي والإسلامي، وقبل ذلك عن الفلسطينيين الذين هم أصحاب القضية، ترسيم الحدود بين مسار علاقة الأردن بأمريكا ومسار علاقة الأردن بفلسطين يحتاج إلى مقاربة سياسية ذكية، تراعي الحفاظ على المصالح الأردنية العليا، وتقليل ما أمكن من خسارات، في موازاة مساندة الفلسطينيين، وتقديم ما يلزم من دعم سياسي وإنساني لتمكينهم من الصمود على أرضهم، ومواجهة الاحتلال.
‏في إطار المرافعات السياسية والدبلوماسية، لدى الأردن مواقف تشكل مشتركات مع إدارة «ترامب» يمكن الاستناد إليها، خذ مثلا ملف رفض الهجرة والتهجير، ملف مكافحة الإرهاب، ملف النفوذ الصيني، ملف التهديد الإيراني، ملف الاعتدال والاستقرار في المنطقة، هنالك، أيضا، مصالح أمريكية متعلقة بالدور الأردني في المنطقة، امنيا وسياسيا، بموازاة ذلك يمكن لهذه المرافعات أن تتمدد وتتعمق على شكل توافقات عربية، خذ مثلا، لدى المملكة العربية السعودية صفقة مع واشنطن محملة في أحد بنودها بحل الدولتين، لدى الخليج العربي، أيضا، خطة لإعادة إعمار غزة، الأردن سيكون حاضرا في هذه التوافقات، وربما تشكل عامل ضغط في إطار مقايضة الصفقات مع إدارة ترامب.
‏لكن، ماذا لو كان المشروع الأمريكي الإسرائيلي أكبر من كل هذه المرافعات والتوافقات، وماذا لو كان مطلوبا من الأردن تقديم تنازلات (ما) في إطار ما يجري الحديث حوله من إعادة رسم خرائط المنطقة والشرق الأوسط الجديد؟ أكيد، نحن جزء من هذه الجغرافيا، ولا يمكن أن نكون بمعزل عما يحدث فيها من زلازل وارتدادات، لكن ثمة مساران متلازمان لابد من التفكير بهما، أردنياً، كخطة عمل، الأول: الصمود والتكيف الإيجابي من خلال شراء الوقت والمناورة ورفض التنازل عن المواقف، والعزم على مواجهة التهديدات، ثم العمل تحت إطار تقليل الخسائر، الثاني: استباق ما قد يطرح من صفقات أو مقررات بمبادرات وحلول ومقترحات، أقصد إدامة الاشتباك السياسي مع كافة الأطراف، الدولية والإقليمية والعربية، لتقديم أفكار استراتيجية وعملية، بحيث نتحول من مستقبلين إلى مرسلين، ومن منتظرين إلى مبادرين، ومن متفرجين إلى لاعبين أساسيين.
‏في المرحلة القادمة، تتحرك الدبلوماسية الأردنية باتجاه واشنطن لاختراق مراكز النفوذ في الادارة الأمريكية، وهي تحتاج إلى أدوات سياسية جديدة، وإلى مساند تنعش الدور الأردني، وتدفع اي محاولة لتحجيمه؛ هذه المساند يجب أن تتوزع على تمكين جبهة داخلية قوية، وظهير عربي موثوق به، ومواقف فلسطينية موحدة، كما تحتاج إلى مقاربات أردنية مدروسة بعقلانية وهدوء، منطلقها الأساسي حماية الأردن والحفاظ على منعته واستقراره، وعدم المغامرة بمصالحه العليا تحت أي ضغوط، داخلية أو خارجية. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك