الأخبار

د محمد كامل القرعان : لمن يسألون من انتصر حماس ام إسرائيل

د محمد كامل القرعان : لمن يسألون من انتصر حماس ام إسرائيل
أخبارنا :  

انتهت الحرب لما استمرت به ل15 شهراً بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بتغيير المنطقة بأكملها؛ فاليوم التالي لهذه الحرب ليس كاليوم السابق لها، والحسابات المقبلة لأية مغامرة عسكرية مستقبلية للاحتلال متوقع اختلافها تماماً عن الحسابات الماضية.

وواقع الحال أنَّ اسرائيل خاضت أطول حربٍ شاملة في تاريخها على الإطلاق ضد القطاع ؛ لكنها فشلت في تحقيق أي من هذه الأهداف الثلاثة في استعادة الأسرى الاسرائيليين، والقضاء التام على حركة حماس، وتأمين المستوطنات في محيط القطاع أو ما يُسمى «غلاف غزة».

وفي نهاية المطاف اضطرت اسرائيل إلى البحث عن أسراها عبر «صفقة» وليس بالقوة، كما اعترفت ضمناً بأن القضاء على حماس غير ممكن، وأن هزيمة شعبٍ يتمسك بأرضه هو ضربٌ من الخيال والمستحيل.

والتوصل الى اتفاق لوقف الحرب بين الطرفين يعني أن نتنياهو فشل في تحقيق أي من أهداف الحرب أعلنها يوم الثامن من أكتوبر 2023، عندما قرر اجتياح قطاع غزة وخوض حربٍ برية وجوية وبحرية وإعلامية ونفسية ضد الفلسطينيين، محاولاً إبادتهم بشكل تام فضلا عن أهداف في التمدد على حساب دول الجوار.

وبالتالي أنَّ الحروب تُقاس بالمآلات وليس المسارات، أي إن الحروبَ تُقاس بنتائجها لا بتفاصيلها اليومية، وهذا ما انطبق وينطبق على كل الصراعات الكبرى في تاريخ البشر؛ ففي الحرب العالمية الأولى تكبدت قوات الحلفاء التي انتصرت خسائر أكبر بكثير من تلك التي تكبدتها دول المركز، وفقد المنتصرون ما مجموعه 22 مليون إنسان، بينما فقد الطرفُ الخاسر أقل بكثير: 16 مليوناً فقط.

وفي الحرب العالمية الثانية كان المشهدُ أكثر وضوحاً، تكبد معسكر «الحلفاء» خسائر تزيد عن 60 مليون قتيل، بينما اقتصرت خسائر دول «المحور» على 12 مليون قتيل فقط، ورغم ذلك فإن نتيجة الحرب كانت لصالح من تكبدوا خسائر أكبر.

المشهد ذاته كان في حرب فيتنام، وثورة الجزائر، وثورة جنوب أفريقيا، والأمثلة على ذلك كثيرة، ويعني بالضرورة أن الحروب تُقاس بنتائجها وليس بتفاصيلها اليومية، إذ إن معامل الحساب بالفوز والخسارة تصلح لمباريات كرة القدم وليس للحروب والصراعات الكبرى.

وفي هذا السياق أن وقف إطلاق النار يأتي وليس لدى إسرائيل أي سيناريو لليوم التالي، لم ينجح الإسرائيليون في الإطاحة بحكم حركة حماس الذين ظهروا باليوم التالي بكامل قواتهم وانتشارهم، ولم ينجح الاسرائيليون في خلق وضع جديد يخدم مصالحهم واجنداتهم، كما فشلوا في إقناع أية دولة عربية بأن تتدخل عسكرياً في القطاع، وإقناع السلطة الفلسطينية بأن تحل بديلاً لإدارة القطاع، وفشلوا أيضاً في خلق أي سيناريو بديل.

ما يعني أن إسرائيل التي تعتقد أنها حققت انتصاراً عسكرياً يؤمن لها حدودها مستقبلياً ويتيح لها دوراً أكبر في رسم وتحديد سياسات المنطقة خسرت أيضاً الشعور بالأمن بعد أن أدركت أن هناك شعباً مازال لديه استعداد المقاومة والتضحية في سبيل حقه وكذلك شعب لديه مخزون جديد من الغضب والنزعة والرغبة فى الانتقام سوف يظل دائماً موروثا للأجيال القادمة.

ولم يبق أمام إسرائيل خيار سوى رضوخها للامر الصحيح ومضيها في البناء على الاتفاق فى خطوات تدفع فى طريق القبول بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

هذا الحل السليم والقانوني والشرعي باسترادا الفلسطينيين حقهم والاعتراف به وهو ما يتيح لدولة الاحتلال الإسرائيلي أن تجن ثمار ذلك فى علاقات طبيعية تطبيعية مع جيرانها تضمن وتعزز شراكة الوجود فى المنطقة التي يمكن أن تتفرغ للتنمية والإزدهار وهو ما ينادي به الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بان لا خيار لإسرائيل بان تعيش في امان وسلام مع جيرانها الا عبر تسوية صراعها مع العالمين العربي والإسلامي وحتى الدولي والمجتمع الدولي والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة تعيد الحقوق والحريات لأصحابها الاصليين.

ختاما: قطاع غزة خرج مجروحا ومدمرا ماديا وإسرائيل لم تنتصر، ولكن الانتصار الحقيقي هو في القدرة على تحقيق السلام الدائم. ــ الراي

مواضيع قد تهمك