احمد ذيبان : محطة في طريق طويل
بتاريخ 15 يناير -كانون الثاني عام 2025، أعلن في الدوحة عن التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بين اسرائيل وحركة حماس، فما الذي استجد؟
قبل نحو ثمانية أشهر أعلن الرئيس الاميركي السابق جو بايدن، بتاريخ 31 مايو أيار عام 2024، بنودا تفصيلية لمقترح اسرائيلي، لوقف القتال في قطاع غزة ودعا الطرفين الى قبوله، وتعززت هذه المبادرة بقرار اتخذه مجلس الأمن الدولي، يحمل رقم» 2735 » بناء على اقتراح أميركي بتاريخ 10 حزيران – يونيو 2024، ويتضمن القرار ثلاث مراحل تكاد تكون نسخة مشابهة، لاتفاق اطلاق النار الذي أعلن في العاصمة القطرية الدوحة!
وتبع ذلك ضغوط أميركية مكثفة على طرفي الحرب والوسطاء، للموافقة على البنود المعلنة من دون تأخير، وذلك بإصدار بيان من الدول الصناعية السبع الكبرى يدعو إلى قبول المقترح، وإلى ممارسة الضغط على حركة حماس لقبوله.
وكانت مختلف التحليلات السياسية والاعلامية، تجمع على أن استعجال الادارة الاميركية للدفع باتجاه قبول هذا المقترح، تنطلق من حاجة الرئيس بايدن الى مبادرة مهمةتساعده في الترشح لولاية رئاسية ثانية، في الانتخابات التي أجريت في 5 تشرين الثاني – نوفمبر 2024، قبل أن يتراجع عن الترشح ويستبدل بنائبته كمالا هاريس.
وللتذكير فقط تضمن قرار مجلس الأمن المشار اليه ثلاث مراحل، يتلخص مضمونها بوقف فوري تام وكامل لإطلاق النار، مع إطلاق سراح الأسرى بمن فيها النساء والمسنون والجرحى، وإعادة رفات بعض الرهائن الذين قتلوا، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى ديارهم وأحيائهم في جميع مناطق غزة بما في ذلك الشمال. فضلا عن التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء القطاع، على جميع من يحتاجها من المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك وحدات الإسكان المقدمة من المجتمع الدولي.
اما المرحلة الثانية فتنص على اتفاق الطرفين، على وقف دائم للأعمال العدائية، مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى"الرهائن» الآخرين الذين يظلون في غزة، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.
وتتضمن المرحلة الثالثة الشروع في خطة كبرى متعددة السنوات، لإعادة إعمار قطاع غزة وإعادة ما يبقى في القطاع من رفات أي رهائن متوفين إلى عائلاتهم. وكانت مهمة الوساطة بين اسرائيل وحماس منوطة بنفس الأطراف «قطر ومصر برعاية اميركية».
وبعد مرور حوالي ثمانية أشهر تواصلت خلالها جولات التواصل بلا انقطاع، عادت الكرة الى المربع الأول، وتم الاتفاق على نسخة تكاد تكون مطابقة لمبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن، والتفسير الوحيد لذلك هو شهوة حكومة الاحتلال، لممارسة أقسى درجات الانتقام من أهل قطاع غزة، وقتل وجرح المزيد منهم في اطار حرب الابادة الجماعية، ومواصلة عملية التدمير الممنهج وتعميق الكارثة الانسانية، وتحويل القطاع الى أرض غير قابلة للحياة، أما اتفاق وقف اطلاق النار بين حماس واسرائيل، الذي اتفق عليه في الدوحةمؤخرا، يتضمن أيضا ثلاث مراحل مدة كل منها «42» يوما.
ورغم انجاز هذا الاتفاق لا يجوز اغفال فرضية، أن حكومة نتنياهو يمكن أن تعرقله في أي وقت
، من خلال القيام بخروقات عسكرية بزعم مهاجمة مقاتلي حماس، والادعاء بأنهم يخططونلمهاجمة قوات الاحتلال،كما فعلت في بعض قرى جنوب لبنان التي احتلتها في الحرب الأخيرة،اذ بلغت خروقاتها لاتفاق وقف اطلاق النار، حوالي ألف خرق خلال أقل من شهرين.
والخلاصة أن حكومة الاحتلال لم تحقق أهداف الحرب، التي أعلنتها بعد 7 أكتوبر –تشرين الأول عام 2023،وأهمها اطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين بالقوة العسكرية،والضغط على سكان القطاع لتهجيرهم من خلال القصف الوحشي، وبقي أهل القطاع صامدون يتمسكون بأرضهم رغم المعاناة الهائلة، دون تجاهل الدمار الهائل الذي قامت به قوات الاحتلال، والكارثة الأنسانية التي سببتها في القطاع.
ويبقى نقطة جوهرية تتعلقبتداعيات هذه الحرب، وهيكيف سيدارقطاع غزة سياسيا واداريا في اليوم التالي؟فهذه قضية لا تزال ضبابية: هل ستسلم مسؤولية ادارة القطاع للسلطة الفلسطينيةبمشاركة حماس كفصيل سياسي فقط؟ ويتم قبولها ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، أم سيتم اختيار بعض الدول العربية والاسلامية للقيام بالمهمة لفترة محدودة، أمسيصدر قرار دولي يتضمن نشر قوات أممية، كما هو الحال في جنوب لبنان؟! ــ الراي
Theban100@gmail.com