كمال زكارنة يكتب : نسف الاتفاق مهمة صعبة.
كمال زكارنة .
ونحن في الربع الساعة الاخير على دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ،تحاول اسرائيل استغلال كل ثانية من الوقت المتبقي لصمت الرصاص وسكوت المدافع ،في الساعة الثانية عشرة والربع من ظهر غد الاحد،لقتل اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في قطاع غزة ،وتدمير ما تبقى من المدمر اصلا،بعد خمسة عشر شهرا من العدوان الاسرائيلي المستمر،والعمل من داخل حكومة الاحتلال من خلال الوزيرين سموتريتش وبن غفير، على نسف الاتفاق وافشاله ومواصلة العدوان على القطاع ،في محاولة يائسة لتحقيق اهداف العدوان التي فشلت اسرائيل في تحقيقها حتى الان.
افشال الاتفاق والعودة الى المربع الاول ،مهمة ليست سهلة بل هي في غاية الصعوبة ،لانه ببساطة اتفاق ترمب ،ولن تستطيع حكومة الاحتلال تحدي الرئيس الامريكي الجديد القديم،لان امام اسرائيل اربع سنوات قادمة للتعامل مع ترمب،وقد بدأ سياسته الضاغطة على نتنياهو وهو في الطريق الى البيت الابيض وقبل ان يصل اليه بخطوات ،وصمود هذا الاتفاق وتنفيذه بكل حذافيره وتفاصيله،يعتبر الاختبار الحقيقي لسياسة ترمب في الشرق الاوسط،وهل هي سياسة سلام ام سياسة حرب.
وفقا لتصريحات وتوجهات ترمب، والمؤشرات التي تصدر عنه منذ فوزه في الانتخابات الامريكية الاخيرة،فان لدى ادارته استراتيجية سياسية جديدة في المنطقة ،تقوم على فرض التسويات واطفاء الحرائق والنزاعات ،وانهاء الحروب واحلال السلام،لكن المهم كيف وعلى حساب من ولصالح من،فاذا كانت تلك الاستراتيجية الجديدة ،تقوم على اعادة الحقوق لاصحابها وحفظ امن واستقرار شعوب ودول المنطقة على اسس عادلة وواضحة،فان الشرق الاوسط بحاجة ماسة الى زعيم قوي وحاسم مثل ترمب ،والمطلوب منه ان يكمل معروفه ،بأن ينهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ،بعد ان حسم اتفاق وقف النار في غزة خلال ساعات،علما بأن ادارة بايدن فشلت في التوصل لاتفاق خلال اكثر من عام .
المسألة الاخرى والتي تجعل من محاولة افشال الاتفاق مهمة صعبة،هي ان اسرائيل بحاجة الى وقف اطلاق النار وانهاء الحرب ،مثلما هي غزة بحاجة الى ذلك،وربما اكثر ،فهناك مئات الضباط الاسرائيليين الذين وجهوا رسائل مباشرة الى ترمب ،يرجونه فيها بممارسة الضغط على نتنياهو للتوصل للاتفاق،بسبب الخسائر الفادحة جدا التي لحقت بالجيش الاسرائييلي الذي اصبح على حافة الانهيار ،والخسائر الاخرى في جميع مناحي الحياة في الكيان المحتل،والهجرة المعاكسة وتصدع الكيان من الداخل،اضافة الى الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة،واشتعال جبهة اليمن التي شكلت حرب استنزاف جديدة على الاحتلال،وعطلت التجارة العالمية في منطقة حيوية واستراتيجية لجميع دول العالم،واحتمال فتح جبهات اخرى ضد الاحتلال.
لا يمكن لأي جهة في العالم ،بما في ذلك مجلس الامن الدولي ،ان تفرض حلولا في الشرق الاوسط ، توافق عليها اسرائيل،الا الادارة الامريكية ،وقد ينفرد ترمب بهذه المهمة .
ما يسمونه اليوم التالي للحرب ،والذي يعني انتهاء الحرب بشكل دائم،يجب ان يكون يوما وشأنا فلسطينيا داخليا ،بحيث يقرر الفلسطينيون انفسهم شكل ومضمون وطبيعة ذلك اليوم ،سياسيا وأمنيا واجتماعيا وانسانيا،ولا ضير من التعاون والتنسيق الفلسطيني العربي والدولي في مجالات معينة ،بما لا ينتزع القرار الفلسطيني او يؤثر عليه وينتقص منه.
اليوم التالي للحرب فيه تحديات هائلة وكثيرة جدا،امنية وانسانية وسياسية واقتصادية وتجارية ،واعادة الاعمار وبناء المؤسسات واعادة الحياة بكل تفاصيلها الى قطاع غزة ،وفك الحصار المفروض على القطاع ،والعمل على انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على اساس مبدأ حل الدولتين المعروف للجميع.