فارس الحباشة : النواب و الموازنة
من المرجح أن يصوت مجلس النواب غدا الخميس على مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025.
و خصصت رئاسة مجلس النواب 10 دقائق لكل نائب، و 20 دقيقة للكتلة النيابية.
و أظن انه وقت كاف لمناقشة الموازنة.
و حتى مساء امس الثلاثاء، تحدث حوالي مئة نائب.
و استمعت الى كلمات السادة النواب : وخلاصتها، أن الموازنة لا تستجيب الى حاجات الاردنيين، و ان الفقر و البطالة و انعدام التنمية يستشري في الاردن، و الدين العام يزداد، وفي ختام مناقشة الموازنة، فان النواب سوف يصوتوت على القانون، و يوافقون بالاجماع، وذات النواب الذين اعتلت اصواتهم في نقد الموازنة سوف يصوتون الى اقرارها.
من الطبيعي، أن تسمع نقدا نيابيا حادا للموازنة. ولكن، كنت اتمنى ان اسمع من السادة النواب خطابا برلمانيا رقابيا ديمقراطيا، وأن اسمع مشاريع لافكار اقتصادية معارضة و مضادة الى سياسة الحكومة و نهجها الاقتصادي، و خصوصا في كلمات السادة النواب الذين كانوا شديدي القسوة و النقد على الموازنة.
و الحقيقة، وما اكرر قوله و طرحه بخصوص العمل النيابي، و في غمرة التحديث السياسي الاردني، و الولادة الحزبية الجديدة، فان العمل النيابي ليس فرديا و لا مزاجيا، ولا شغل مناسبات.
و ما دام اننا اليوم في مرحلة نملك احزابا، و نملك نوابا حزبيين، و تمثيلا حزبيا تحت القبة.
فما دفعني، ان اسمع ماذا تقول الكتل النيابية في طرح الثقة في الحكومة و مناقشة الموازنة العامة ؟
و هل أن النواب يدركون و يستوعبون « المرحلة الجديدة « و استحقاقتها، سواء في التجربة و التقاليد، و تمثيل الشعب ؟
و التأطير لجهد تشريعي، و تطوير الادوات الرقابية و التشريعية.. و العمل النيابي ليس مجرد طبخ كلام و خطابات، و استعراضات، و يكمن الانفصام : في كلام معارض و تصويت لصالح الموازنة ؟
قبة البرلمان مكان مقدس دستوريا.. و قبة البرلمان ليست ساحة الى الحروب الشعبوية. و بعض النواب يبدو انهم يفهمون العمل النيابي بالشقلوب.. و الاردنيون فهموا اللعبة و يميزون بين الغث و السمين، و لا يتحمسون الى الخطابات الثأرية و النارية، و خطابات الانشاء، و من يفرشون الى دورات نيابية قادمة، بحثا عن شعبويات و اختطاف لمزاج و سجايا الناس.
هناك خطاب رائج نيابيا عدمي.. فقر وبطالة و مديونية.. ومن لا يعلم هذه الحقائق الدامغة في الاردن، وانا في المدرسة، ومن برلمان 89، وانا اسمع ذات الديباجة النيابية.
و خطاب هجين و يولد مزاجا سوداديا، ولا يقدم حلولا و لا قراءات سياسية موضوعية و دقيقة للحالة الاردنية و تشخيصها.
ليس مطلوبا من النواب ان يشكروا الحكومة و يصفقوا لقرارتها و سياساتها. و ان يمدحوا رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان.
و المناسبة، من الملاحظ أن رئيس الحكومة جعفر حسان لم يغب عن جلسات مناقشة الميزانية، وان الرئيس أيضا لم يغادر «قبة البرلمان» اثناء انعقاد الجلسات، و يحضر و يستمع الى كلمات السادة النواب كافة.
ملاحظة، ذكرتها، من باب التنويه و التنبيه الى أن رؤساء حكومات سابقين كانوا يحضرون اول خمس دقائق، وتلتقط الكاميرا صورا لحضورهم، و يغادرون على وجه السرعة.
وهذا ليس مديحا الى رئيس الحكومة. ولكن، سلوك ينم عن «قداسة الدستور « و احترام العلاقة بين السلطات الدستورية لدى رئيس الحكومة، وما احوجنا الى ترسيم شفاف و دقيق للفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية و القضائية. ــ الدستور