الأخبار

حسام عايش يكتب : الكلفة الاقتصادية لشائعة تعديل الحكومة

حسام عايش يكتب : الكلفة الاقتصادية لشائعة تعديل الحكومة
أخبارنا :  

كلفة اقتصادية صامتة تترتب على اشاعة تعديل الحكومة-وحتى على التعديلات المتكررة على الحكومات- فهي تؤثر على استقرار البيئة الاقتصادية، والإدارية، والتنظيمية، وعلى أداء الأسواق والشركات، والمستثمرين، وعلى تحقيق الاستراتيجيات طويلة الأمد، لما تشيعه من توجسات تؤثر في اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية، وركود في تنفيذ السياسات والخطط المعلنة؛ وحتى عدم اتساق في تنفيذها، ومنها مشاريع استراتيجية.
وهي تؤثر-وفي حال طال امد تداولها- على استثمارات القطاع الخاص، او استعداداته، لاتخاذ قرارات استثمارية طويلة الاجل؛ بالنظر لضبابية المشهد الحكومي، وما إذا كانت السياسات الحكومية ستظل هي نفسها ام ستتغير.
تزيد اشاعة التعديل، التكاليف الإدارية، خصوصا وانها تؤثر في تنظيم العمل الحكومي، وتقلل الثقة بالتوجهات الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية والمعيشية المعلنة؛ باعتبارها مجرد توجهات عابرة وليست استراتيجية، مما ينعكس على النمو الاقتصادي، بالنظر الى ان التغيرات المتوقعة بناء على اشاعة التعديل قد تكون ذات صلة بالسياسات الحكومية بشان بعض المشاريع الاقتصادية الكبرى على مستوى البنية التحتية، أو في القطاعات الإنتاجية المختلفة، ما يوجد انطباعا بعدم وجود سياسات اقتصادية او استثمارية متفق عليها، ما يؤدي الى تقلبات تؤثر على اداء السوق .
يؤدي طول امد تداول اشاعة التعديل،الى اهدار الموارد، اذ ان بعض المشاريع الاقتصادية –وفي حال حدث التعديل بالفعل -قد تكون عرضة للتغيير على مستوى الاولويات، او اعادة الدراسة، او قد يؤجل البدء بها، او تراوح مكانها، مما يكبد الخزينة نفقات اضافية غير ضرورية نتيجة تغير وجهات النظر اوالسياسات بشأنها؛ ما يؤدي إلى اهدار الموارد العامة القليلة ومنها مورد الوقت.
لذلك، يترتب على انتشار شائعة التعديل، خسائر اقتصادية يمكن تلمس قيمتها من خلال رصد درجة انتشار الشائعة نفسها التي اقدرها بنحو 0.5 ( على مقياس بين صفر وواحد صحيح) ومدى تاثير الاشاعة على الثقة بالاقتصاد والتي اقدرها حتى الان بنحو 0.3 ( على مقياس بين صفر وواحد صحيح) والخسائر التي قد تنجم عن تقلبات السوق بنتيجة الشائعة؛ والتي اقدرها حتى الان بنحو 40 مليون دينار، والخسائر التي قد تطال تاجيل/الغاء او انتظار اضافي لبدء مشاريع استثمارية بنحو 50 مليون دينار، والتاثير السلبي للاشاعة-حتى الان-على الانفاق الاستهلالكي بنحو 0.5 % من حجم الناتج المحلي الاجمالي المقدر.
ما يعني، ان التكلفة الاقتصادية لشائعة تعديل الحكومة، ستقارب نحو 42 مليون دينار، وهي تكلفة تم حسابها عبر ضرب (شدة انتشار الاشاعة مع تاثير الاشاعة على الثقة بالاقتصاد ) وضرب نتيجتهما مع نتيجة (اجمالي الخسائر الناجمة عن تقلبات السوق، زائدا خسائر الغاء او تاجيل مشاريع استثمارية، زائدا التاثير على الانفاق الاستهلاكي) .
وعليه، فمسالة التعديل الحكومي من عدمه، واستمرار الاشاعات بشأنه، مكلف اقتصاديا وماليا واستثماريا واداريا، ما يستدعي اما نفيه او الاجهار بقرب حدوثه.
في جميع الحالات، فالتعديلات نفسها قد تكون لها تكاليفها الاقتصادية ايضا، حيث تشير دراسات ذات صلة؛ إلى أن الدول التي تعاني من التغييرات والتعديلات الحكومية المستمرة، تواجه انخفاضاً محتملا في النمو الاقتصادي بمعدل يتراوح بين 0.5 % و 2 % سنوياً مقارنة بالدول ذات الاستقرار الحكومي، خصوصا عندما لا تكون استراتيجية في اسبابها وبالتالي في نتائجها، فهي تزيد في التكاليف التشغيلية عبر إعادة تصميم الخطط الاستراتيجية، او اعادة تشكيل لجان أو آليات عمل جديدة بشكل متكرر، وتساهم بزيادة البيروقراطية المعوقة للانجاز افقيا وعموديا، والاهم انها تغير هوية الحكومة بعدد التعديلات؛ ما يؤدي الى عدم يقين بشأن مسار العمل الحكومي. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك