الأردن يواصل لعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط، لتبنيه سياسة واضحة تقوم على تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي من خلال دبلوماسية نشطة وتعاون بناء مع مختلف الأطراف، ففي ظل التعقيدات التي تشهدها المنطقة يبرز الأردن كوسيط فاعل يسعى إلى تقريب وجهات النظر وحل الأزمات، بما يخدم مصالح الشعوب ويعزز التكامل العربي.

أحد أبرز مظاهر هذا الدور يتجسد في التحركات الأردنية تجاه سوريا، والتي تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى دعم استقرار الجارة الشمالية والمساهمة في إعادة إعمارها، فزيارة وفد سوري رفيع المستوى للأردن لمناقشة ملفات التعاون السياسي والاقتصادي، تأتي في إطار الجهود الأردنية لفتح قنوات الحوار وتعزيز العلاقات العربية-السورية.

كما أن التشغيل التجريبي لطائرات الملكية الأردنية إلى مطار دمشق خطوة بناءة تجاه إخراج سوريا من تبعات ما عانته من ويلات أزمتها، كما تظهر مخرجات قمة العقبة التي عقدت مؤخرا والتي ركزت على تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة السورية، مكانة الأردن كدولة قادرة على قيادة الحراك السياسي الهادف إلى إيجاد حلول مستدامة للصراع السوري.

ولا تقتصر هذه التحركات على البعد السياسي فقط، بل تمتد إلى التعاون الاقتصادي والتجاري، حيث ينظر إلى إعادة فتح المعابر الحدودية، مثل معبر جابر-نصيب، كخطوة حيوية ستسهم في تنشيط التجارة وتحقيق منافع اقتصادية مشتركة، كما بدأ القطاع الخاص الأردني في استكشاف فرص الاستثمار في قطاعات الزراعة والبنية التحتية بسوريا، في خطوة تعكس رغبة البلدين في تعزيز التكامل الاقتصادي.

وإلى جانب المصالح الاقتصادية والسياسية، يبرز الأردن كداعم أساسي في إعادة إعمار سوريا وتعزيز استقرارها الأمني والاجتماعي، كما أن تعزيز العلاقات مع سوريا يسهم في معالجة ملف اللاجئين السوريين في الأردن، ويفتح الباب لعودتهم الطوعية إلى بلادهم، ما يخفف الضغط على البنية التحتية الأردنية.

إن الأردن، بفضل موقعه الجغرافي وخبرته العميقة في إدارة الأزمات، يعد نقطة انطلاق استراتيجية لعودة سوريا إلى الحضن العربي بعد سنوات من العجاف.

فالأردن يؤكد دائما على أهمية التعاون العربي والإقليمي كركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار، هذه الجهود تصب في مصلحة شعوب المنطقة، حيث يمد الأردن يديه للجميع داعيا إلى التعاون البناء الذي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وخلق بيئة إقليمية آمنة.

الدور الأردني في المنطقة نموذج للدبلوماسية المتوازنة، التي ترتكز على التعاون والشراكة، وتؤكد على أن أمن واستقرار المنطقة مسؤولية جماعية تتطلب تنسيقا مستمرا وعملا مشتركا ــ الراي