فارس الحباشة : كيف تصبح خبير أوبئة ؟
أخبار الوباء..انشغل الإعلام بأخبار عودة الوباء وحرب الفايروسات.
وخرج خبراء أوبئة ليطلوا برؤوسهم، و يهددوا الناس بالفايروسات القاتمة والقاتلة.
و يتفاعل الاعلام الاردني بطريقة غريبة مع اخبار الفايروسات والأوبئة.
الغريب، وأنا أتابع اخبار العالم، أن الفايروس « الصيني المستجد « لم يقلق إلا خبراء أوبئة اردنيين.
و لم اسمع خبيرا او طبيا في مصر او المغرب او لبنان او تركيا او السعودية علق او تحدث عن الفايروس. واقعيا و منطقيا، ولكي يعبر ويمر الفايروس الى الأردن، ويضرب في صحة الناس، فلا بد أن يمر في عشرين مدينة، و يقطع ملايين الكليو مترات.
و الاردن يزدهر بخبراء الاوبئة. وعداكم عن الخبراء الاستراتجين، وخبراء الطقس والارصاد الجوية، ومشعوذي الشاشات الفارغة، ومحطات الحمولة الزائدة.
ولو كان لدينا في الاردن هذا الزخم من خبراء الاوبئة، لما كان حالنا على ما هو عليه، و الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده الصادقين، فأين النعمة ؟
و هل، حقا أن هؤلاء نعمة أم نقمة على الصحة العامة ؟ وذلك، شأن كل ما حوله الاردنيون من تبر الى تراب، ومن نافع الى ضار، ومن فائص الى مديونية و نقص.
طبيب أعرفه، وهو فاشل، و فتح عيادة واغلقها، وعمل في مستشفى حكومي وخاص، وتم طرده والاستغناء عن خدمته. و اليوم، ينظر في الاوئبة، و تحول الى خبير شاشات، واحيانا اسمعه يتحدث في الشأن السياسي والاقتصادي، ولا يبخل من التنظير في اخبار الطقس واسعار البورصة وتداول العملات والذهب. أراجع طبيبا، وذات مرة سألته لماذا لا تظهر على وسائل الاعلام ؟ و الطبيب اختصاصي مهم، و له ابحاث ودراسات، وحاصل على بورد و شهادات من أرقى الجامعات الاوروبية و الامريكية، ومرجع طبي اردني و عربي و عالمي. ضحك من سؤالي، و قال لي : انا طبيب، ولست عاطلا عن العمل !
ثمة، ما يبعث على الهستيريا.. وما أسهل أن تظفر على لقب خبير اوبئة في الاردن. و في خطوات سريعة أولا: تظهر على شاشة تلفزيون، و تضلل الرأي العام، وتتحدث عن فيروس صيني، وتقدم اراء طبية خاطئة حول الفايروسات والمناعة وانتشار الوباء، وتدعو الى القلق الصحي و تحذر، وتبشر في حظر شامل و اغلاق كلي و جزئي.
وتحفظ اسماء ادوية باللغة الانجليزية، وتحفظ كلشيهيات تبدأ كل جملة، واني احذر، و اعرب عن قلقي، و تردد ربما عشرات المرات في الدقيقة. وأخيرا يجب ان لا تفرق بين فايروس و بكتيريا، ولا بأس من الترويج الى نوع مضاد حيوي، واسم شامبو و معجون اسنان.
كفى استخفافا بالاردنيين و تنكيلا بصحتنا وعافيتنا، وبقوت الناس وحياتهم اليومية، وكفى صناعة وتصديرا للاوهام.. و الأجدر، ان يصدر «فرمانا « رسميا يمنع المتنكرين ومتعهدي الحفلات التنكرية من اللعب في صحة الناس.
المشكلة ليست فايروسا أو وباء.. و في حقيقتها، أن هناك فايروسا سياسيا يستوطن في عقول منتجي اللهو والتلهية.
ابعد الله عنكم الوباء و الفايروسات.. و حفظ الله وطننا من كل مكروه سياسي و صحي، و لنبقى له وفيه، وحمى الاردن من هؤلاء خبراء الأوبئة.
الدستور