د. سليمان علي الخوالدة : الريادة والابتكار في الأردن: أساس التحول نحو اقتصاد المعرفة
يسعى الأردن إلى تحقيق تقدم اقتصادي مستدام من خلال تعزيز الريادة والابتكار في مختلف المجالات. حيث أصبح الابتكار إحدى الركائز الأساسية التي تدفع الأردن نحو التحول إلى اقتصاد رقمي قائم على المعرفة، ما يجعله ضرورة حتمية في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في جميع جوانب الحياة الاقتصادية، باتت الشركات والمؤسسات في الأردن بحاجة ملحة إلى حلول مبتكرة لتحسين الأداء وتعزيز الإنتاجية. في هذا السياق، يُعد الابتكار التكنولوجي عنصراً أساسياً في تحسين العمليات الإنتاجية في العديد من القطاعات الحيوية مثل الصناعة والنقل والطاقة والخدمات المالية. ومن هنا، تبرز أهمية التكيف مع التحول الرقمي من قبل مختلف القطاعات لتعزيز الكفاءة وتحسين تقديم الخدمات العامة، فضلاً عن تعزيز الشفافية في المؤسسات الحكومية والخاصة.
إن التحول إلى اقتصاد المعرفة يُعد من أبرز التوجهات التي يسعى الأردن لتحقيقها لضمان التنمية المستدامة. في هذا النوع من الاقتصاد، لا يعتمد النمو على الموارد الطبيعية أو التقليدية فحسب، بل يعتمد بشكل كبير على المعرفة والتكنولوجيا كعوامل رئيسية تسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي. وبتزايد الطلب على الحلول التكنولوجية عبر مختلف القطاعات، أصبح الابتكار أداة أساسية لتحقيق هذا التحول، بما يتطلب التركيز على قطاعات حيوية مثل التعليم، البحث العلمي، وتكنولوجيا المعلومات.
ورغم هذه الرؤى الطموحة، يواجه الأردن العديد من التحديات التي تؤثر في البيئة الريادية والمشروعات الابتكارية. من أبرز هذه التحديات نقص التمويل، الذي يعيق قدرة الشركات الناشئة على التوسع والنمو. ورغم وجود بعض المبادرات التي تهدف إلى دعم هذه الشركات، تظل الحاجة قائمة لتوفير مزيد من مصادر التمويل لضمان استدامة النمو الاقتصادي في هذا القطاع. إضافة إلى ذلك، تمثل البيروقراطية أحد العوامل الأخرى التي تعيق تنفيذ المشاريع الريادية، حيث تؤدي الإجراءات الإدارية المعقدة في بعض الأحيان إلى إبطاء عملية إنشاء الشركات أو تنفيذ المشاريع الابتكارية. من هنا تأتي الحاجة الملحة لتبسيط الإجراءات القانونية والبيروقراطية بما يسهم في تسريع وتيرة الأعمال والابتكار.
وفي مواجهة هذه التحديات، يمتلك الأردن العديد من الفرص التي يمكن استثمارها لتحقيق الريادة والابتكار في المنطقة وان التركيز على مجالات التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة ، والتكنولوجيا المالية ، يعزز من قدرة الأردن على التحول إلى مركز إقليمي في هذه المجالات. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يسهم التعاون الفعّال بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني في تعزيز الابتكار وتقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات السوق المحلية.
إن الريادة والابتكار في الأردن يشكلان الأساس الذي يعزز الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وهو النموذج المثالي للنمو المستدام في المستقبل. ومن خلال الاستمرار في تعزيز بيئة الأعمال الريادية، والعمل على توفير الأدوات والدعائم التي تشجع على الابتكار، يصبح الأردن في موقع متميز لتحقيق أهدافه الاقتصادية الطموحة. لذا، فإن تطوير مهارات الأفراد، وتوفير الدعم اللازم للشركات الناشئة، فضلاً عن التوسع في تبني الحلول التكنولوجية المتطورة، يُعد ركيزة أساسية لبناء مستقبل اقتصادي واعد. ولتحقيق النجاح المستدام في هذا المجال، يجب أن تواصل المملكة توجيه الجهود نحو تحفيز الابتكار، وتوفير بيئة تنظيمية مرنة تشجع الإبداع والنمو، مع تعزيز الشراكة والتكامل مع كافة الجهات ذات العلاقة ومن خلال هذه الجهود، سيتمكن الأردن من تأكيد مكانته كداعم رئيسي للابتكار وريادة الأعمال على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يسهم في تحقيق التطلعات الاقتصادية والابتكارية للمملكة. ــ الدستور