علي البلاونة : ضرورة دعم الحكم السوري الجديد
من الواقعية السياسية أن نبحث عن مقاربة كبيرة مع الحكم السوري الجديد والقائد أحمد الشرع، وأن نستثمر علاقاتنا وجميع السوريين والمعارضة التي تواجدت في بلادنا، وأن لا ننتظر ونحن نرى التحركات الإقليمية والدولية التي بدأت بزيارات لدمشق خاصة وأن نهج الحكم الجديد فيه قدر كبير من التغيير عما كان عليه نظام الحكم السابق، وفيه قدر كبير من النضج السياسي وعلينا أن نعول وأن ندعم هذه التوجهات وبخاصة التي تتعلق بمصالحنا وأمننا الوطني.
الحكم السوري الجديد أنهى جمهورية الكبتاجون، التي أثرت على أمننا الإجتماعي والسياسي، ووجود الأخوة اللاجئين السوريين ضاعف الأعباء على خزينة الدولة وقد بدأ العديد منهم بالعودة الى بلادهم آمنين مطمئنين، وكذلك أنهى المشروع الفارسي وميليشياته التي كانت مصدر تهديد لأمننا الوطني، والتزم بمحاربة الإرهاب في سوريا، وعليه تحتاج سوريا الجديدة منا نمط دبلوماسي جديد رسميا وشعبيا.
مخاوفنا وهواجسنا متوقعة، ولكننا أثبتنا في مختلف الأزمات بأننا كدولة ومجتمع لدينا حصانتنا وطنية أعلى، وأن سور القيم الأردنية عال جدا، وأن محاولات مد النفوذ والتأثير لم تنفع أو تفلح لا سابقا ولن تفلح لاحقا، وسوريا بحاجة لسنوات طوال لتضميد جراحها، والطامعين فيها كثر، ومن واجبنا أن نبقي خطوط الوصل قائمة دائما، فلا نشعر بالسوريين إلا أنهم جزء من نسيجنا الثقافي والاجتماعي.
ضحى السوريون كثيرا في مختلف المدن، لينالوا حريتهم بدل سنوات طويلة من القمع، شردوا في كل بقاع الدنيا، ولكنهم أقاموا تجارتهم وإستثماراتهم في كل مكان، ولديهم قامات فكرية وثقافية وسياسية وعلمية كبيرة، والحكم الجديد لم يلجأ للإجتثاث وهذه ميزة تسجل له، وحافظ على مؤسسات الدولة، ولم يلج الى الإنتقام والقتل على الهوية، لم يوظف أصحاب السوابق، لم يفتعل ما يهدد وحدة واستقرار التنوع السوري، بل على العكس من ذلك يعترف به ويحترمه ويقدره، ولم يهدد أمن دول الجوار.
لازلنا على قناعة تامة بأن الحكم الجديد رغم إرثة المتطرف، إلا أننا في السياسة نتعامل مع الواقع، ومع السلوك اليومي، ومع ما يحقق مصالحنا ومصالح السوريين، ولهذا علينا التوجه والإقبال على سوريا وأن لا نتاخر كثيرا، والتوجهات الدولية يبدو واضحة المعالم، بخصوص تطبيقات القرارات الدولية وما تغير عليها بعد سقوط الأسد.
هناك العديد من بيننا من تربطه علاقات حيوية مع سوريا، كانت الأردن بحكم الظروف على إتصال مع قيادات المعارضة في الجنوب السوري، ولدينا شبكة علاقات قوية مع القبائل العربية في سوريا، ومنذ الأزمة السورية في 2011 ونحن نعمل على تعزيز أمن وإستقرار سوريا، وليس لنا مطامع، ولا نرغب أو نخطط لتجزئة سوريا كما البعض، بل على العكس أن التاريخ السياسي الأردني عروبي دائما، ولا يمكن للاردن أن يكون إلا مع وحدة وسيادة سوريا لجميع مواطنيها.
لسنا ضد حكم أحد، طالما أن ذلك جاء نتيجة ورغبة السوريين، وهذه المرحلة إنتقالية، وهناك جهود لعقد مؤتمر وطني تأسيسي للسوريين، يضع دستورا وشكلا لنظام الحكم ومؤسساته، والشرع يدرك أن قوة هيئة تحرير الشام، لن تكون على نقيض وهذه الإرادة، ولن تكون على نقيض مع إرادة المجتمع الدولي.
إن إستعادة أو هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية السورية، أمر قادم، وجزء منه تم بإتفاق سقوط الأسد، وأعتقد أن ذلك مرهون بنتائج المؤتمر السوري الذي سينتج عنه شكل سوريا الجديد، وسيكتب للشرع مهما كان الإختلاف معه داخليا وخارجيا، أنه تعامل ما أمكن مع مخلفات النظام السابق بهدوء وإتزان، وطمأن الجميع، وساعد في تعزيز الأمن والإستقرار، وأعطى السوريين أملا جديدا بحياة حرة كريمة. ــ الدستور