الأخبار

محمد جودت الرفاعي : سوريا.. أحلام شعب قوي وأمل لا ينكسر

محمد جودت الرفاعي : سوريا.. أحلام شعب قوي وأمل لا ينكسر
أخبارنا :  

مع كل حدث جلل، تنقسم الآراء والمواقف، وتُطرح الأسئلة الملحة حول ما كان وما سيكون، هذا ما يحدث في سوريا حالياً بعد انتصار الثورة السورية التي لم تكن حدثاً استثنائياً، بل جاءت كأحد أكبر التحولات في تاريخ المنطقة، إذ أطاحت بنظام استبدادي استمر عقوداً، لينتهي الأمر بفرار رأسه إلى المنفى، تاركاً وراءه وطناً جريحاً وأحلاماً متأرجحة بين الأمل والخيبة.

اليوم، تقف سوريا على عتبة مرحلة جديدة، مرحلة تتجاوز الشعارات والانتصارات العسكرية، لتضع الشعب السوري في صدارة المشهد، فهذا الشعب الذي عاش لعقود رهينة الخوف والصمت، له أحلام كبيرة،وإرادته في الحياة لم تمت.

المشهد الحالي قد يبدو مشوشاً ومثقلاً بالجراح، لكن وسط الركام تولد الأحلام، إذ أن حياة الإنسان لا تُختزل في خيار واحد، وقيمته لا تُقاس بولائه أو صمته، وأستطيع القول إن سوريا ستُبنى حجراً حجراً بقلوب أبناء شعبها الذي يصر على تجاوز الماضي دون أن ينساه، ويؤمن بأن الجراح تلتئم، وأن من الرماد قد تنبت بذور جديدة للحياة.

في هذه اللحظة المفصلية، لا يمكن النظر إلى الثورة كحدث انتهى، بل كقصة بدأت للتو، قصة يكتبها السوريون كل يوم، في تفاصيل حياتهم اليومية، في محاولاتهم المستمرة لإعادة ترتيب فوضى حياتهم، وفي إصرارهم على جعل هذه الأرض مكاناً صالحاً لأولادهم.

ما تحتاجه سوريا الآن ليس شعارات كبيرة ولا وعوداً براقة، بل أفعال صغيرة تنبض بالحياة، مثل عودة الناس في الخارج إلى بيوتهم، وفتح الأبواب المغلقة منذ سنوات، جلسة عائلية حول طاولة بسيطة، و ضحكة طفل كُتب له أن يكبر في زمن صعب.

هذه التفاصيل الصغيرة هي التي ستشكل ملامح المستقبل، لأنها تحمل بين طياتها القدرة على شفاء الجراح، وإعادة بناء الثقة بين الناس الذين تفرقوا بسبب الحرب.

الثورة الحقيقية لا تنتهي بسقوط نظام أو بإعلان نصر، بل هي رحلة طويلة من إعادة اكتشاف الذات، ومواجهة الأسئلة الصعبة عن الهوية والمستقبل، والإيمان بأن الحياة تستحق المحاولة.

وفي النهاية، الأوطان لا تُبنى بأصوات البنادق، بل بقلوب تؤمن بأن الغد يمكن أن يكون أفضل، وسوريا لديها شعب يصر على أن يكتب قصته بيده، حتى وإن كانت الكلمات ثقيلة والصفحات مليئة بالدموع. ــ الراي

مواضيع قد تهمك