خلدون ذيب النعيي : الـثوابت الأردنية في العلاقة مع الإدارة الأميركية القادمة
يحسب للسياسة الأردنية على مدى العلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية التي تجاوز زمنها 75 عاماً منذ أقامتها في شباط 1949م قدرتها على التعامل مع مختلف الادارات الجمهورية والديمقراطية التي تعاقبت على البيت الابيض بكل أريحية بعيداً عن الاحكام والنيات المسبقة، وكان حجر الاساس في ذلك ادراك الساسة الاميركيين المكانة الاستراتيجية التي يمثله الاردن سواء بموقعه الجغرافي او بقدرته على التأثير على الاحداث الاقليمية بما يملكه من عناصر قوة تدركها واشنطن جيداً في سعيها للحفاظ على الاستقرار الاقليمي بعيداً عن التوتر كما الحاصل حالياً، هذا التوتر هو آخر شيء كان ينتظره البيت الابيض وحلفاؤه الغربيون بالنظر للحرب الروسية الاوكرانية الحالية وارتدادتها الاوروبية والعالمية وخصوصاً في ضوء التقارب الاستراتيجي الكبير الحاصل حالياً بين موسكو وبكين.
تنظر الولايات المتحدة للاردن كدولة صديقة محورية في الاقليم وكشريك سياسي في تحقيق السلام والاستقرار، وبالتالي اصبح الاردن من الدول التي تتلقى مختلف المساعدات الاقتصادية والعسكرية والتنموية من واشنطن بما يساهم في تأمين التفاهم المشترك حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك واهمها القضية الفلسطينية والتي لا يخفي ساسة واشنطن بين الحين والاخر تأكيدهم على مبدأ حل الدولتين فيها على الرغم من دعمهم الكبير لاسرائيل في ظل عدوانها الحالي على غزة ولبنان والضفة الغربية , وهنا استطاع الاردن تسخير علاقاته مع البيت الابيض للتأكيد على الحق الفلسطيني وابراز مدى أثر التجاهل الاسرائيلي للحقوق الفلسطينية عوضاً عن عدوانه المتكرر على الشعب الفلسطيني في توتير المنطقة والعالم وما يسببه ذلك من ضرر تكتيكي واستراتيجي يطال الولايات المتحدة وسياساتها المختلفة.
مع فوز ترامب الجمهوري بإدارة البيت الابيض القادمة والذي اعتبره كثير من المطالعين للانتخابات الاميركية أنه جاء نتيجة سلوك الديمقراطيين الغير متزن في مختلف الملفات الداخلية والخارجية وفي مقدمتها الحرب الاسرائيلية الحاصلة في غزة ولبنان وما سببته من مآس انسانية وضع فيه الديمقراطيون اميركا امام ناخبيهم العرب والمسلمين والسود كشريك في تلك المأساة بالنظر لدعمهم الكبير لتل ابيب وعدم الحزم امام جوقة سموتريش وبن غفير في مخططاتهم في الضفة الغربية، فكانت النتيجة هنا لصالح ترامب أي بمعنى آخر كما تقول قاعدة المصالح السياسية..
تجمع كثير من مراكز الدراسات السياسية وخبراء العلاقات الدولية انه رغم ما قدمه ترامب خلال فترته الرئاسية السابقة لاسرائيل بما يخص القدس والجولان فإن الساسة الإسرائيليين تعتريهم الريبة من ترامب القادم رغم مظاهر الفرح والتفاؤل البادية عليهم بسبب مسارعة تهنئة نتنياهو لبايدن في انتخابات 2020م التي خسر فيها ترامب قبل اعلان النتائج الرسمية وامتعاض ترامب من ذلك وقتها، ويضاف الى ذلك إعلان ترامب ان مصالح اميركا والشق الاقتصادي في مقدمة اهتماماته إضافة لمسألة الامن القومي الاميركي والتي وضعته مآسي غزة على شاشات الاعلام المحايد بوضع يستحق الاهتمام والمتابعة.
مما سبق فأوراق الدبلوماسية الاردنية التي تتعامل مع السياسة الاميركية كسياسة دولة هي أوراق تدرك واشنطن أهميتها جيداً وذلك في ظل الحراك السياسي الدبلوماسي والذي يقوده الملك شخصياً في مختلف المحافل العالمية كأول المدافعين عن الشعب الفلسطيني وحقوقه في ظل العدوان الكبير الحاصل حالياً. ــ الدستور