كمال زكارنة يكتب : ترامب وعد بوقف الحرب..متى وكيف؟
كمال زكارنة.
حقق الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب ،فوزا كبيرا في الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة،ربما شكل فوزه سابقة تاريخية في الولايات المتحدة،فقد استطاع الحزب الجمهوري الذي يمثله الرئيس المنتخب،ان ينتزع الاغلبية في الكونغرس الامريكي بشقيه الشيوخ والنواب،على حساب الحزب الديمقراطي المنافس الرئيسي للجمهوريين ،مما يمكن ترامب من اتخاذ القرارات بألاغلبية المريحة ،وادارة السياسة الامريكية داخليا وخارجيا بقرارات وتوجهات الحزب الجمهوري ،بعد تحييد الحزب الديمقراطي وتحويله الى معارضة اقلية ضعيفة التأثير ،لا تستطيع افشال او منع اي قرار يتخذه الكونغرس الامريكي، بعد العشرين من شهر كانون الثاني المقبل،موعد استلام ترامب سلطاته الدستورية .
وعد ترامب في خضم حملته الانتخابية ،بأنه سيوقف العدوان الاسرائيلي على فلسطين ولبنان،وبناء على هذا الوعد، حصل على اصوات الجاليات العربية والاسلامية في الولايات المتحدة ،وتوجه الناخبون الاميركيون من اصول عربية واسلامية الى انتخاب ترامب ،او مرشحا ثالثا يستحيل فوزه ،نتيجة توصلهم الى قناعة تامة،بأن الرئيس الحالي بايدن يكذب بقوة ،ويناقض فعله قوله، فيما يتعلق بالعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني،فهو يقدم كل اشكال الدعم السياسي والعسكري والمالي لاسرائيل المعتدية ،ويشارك في الحرب والابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة،ويمنع المساعدات والغذاء والدواء والطاقة ويحاصر القطاع ، بينما يتحدث امام الكاميرات وللاعلام بشكل محتلف .
الانتخابات الامريكية الاخيرة ،شكلت ضربة قاصمة للحزب الديمقراطي ،قد يحتاج الى عقود من الزمن لاستعادة حضوره في الشارع الامريكي ،وقد يصيبه ما اصاب حزب العمل وقوى اليسار الاسرائيلية، التي تلاشت تقريبا، وفقدت قوتها وحضورها وتأثيرها في الكيان الغاصب،وهنا اصبح ترامب يماثل نتنياهو في قوة اتخاذ القرار في الكونغرس ،مثلما هو نتنياهو في الكنيست.
المهم كيف سيوقف ترامب الحرب "العدوان الاسرائيلي" على فلسطين ولبنان،هل سيوقفها باستخدام الحشود والقواعد العسكرية الامريكية في الشرق الاوسط برا وبحرا وجوا،وهل ما تزال صفقة القرن في جيب ترامب ،وان وقف الحرب بالنسبة له سيكون على اساس تلك الصفقة ،ام انه تراجع عن سياسته التي مارسها خلال فترة رئاسته السابقة،وعاد الى رشده واقتنع بضرورة اعادة الحقوق الى صاحابها ،وهل وقف الحرب يعني شرق اوسط جديد، يتشكل كما يريد ويخطط نتنياهو ،وفرض التطبيع العربي بالقوة مع اسرائيل ،اسئلة كثيرة تحتاج للبحث عن اجابات لا يمكن الحصول عليها ،الا بعد تسلم ترامب سلطاته الدستورية مطلع العام المقبل ،ومراقبة سياسته الخارجية تجاه الشرق الاوسط .
لكن اذا نظرنا الى تاريخه الرئاسي ،نجد انه كان مطيعا جدا لمطالب ورغبات نتنياهو ،لكنه عاد وانتقده بشدة بعد خروجه من البيت الابيض،قبل اربع سنوات،الا انه منح نتنياهو ما لم يمنح اسرائيل اي رئيس امريكي سبقه،فقد اعترف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل ،وبالجولان ارضا اسرائيلية ،والغى الاعتراف بالشعب الفلسطيني والاراضي الفلسطينية ،وجاء بصفقة القرن التي تصفي القضية الفلسطينية بالكامل،وفرض التطيبع السياسي والاقتصادي والثقافي والامني ، بالقوة على بعض الدول العربية مع اسرائيل،وتخالفات دفاعية وامنية وغير ذلك من قرارات، كلها لصالح الاحتلال وضد الشعب الفلسطيني والامة العربية .
كل ما يصدر عن ترامب حتى الان ،قوله انه سيوقف الحرب،لكنه لم يوضح كيف ،وعلى حساب من ،وهل وقف الحرب يعني تحقيق اهداف العدوان الاسرائيلي التي وضعها نتنياهو،وفشل في تحقيقها عسكريا ،رغم دخول العدوان الاسرائيلي الشهر الرابع عشر على التوالي.
الشرق الاوسط والعالم يترقبون شكل السياسة الامريكية القادمة ،وتوجهات الرئيس الجديد ،المعروف عنه انه واضح ومباشر وعملي ،يختصر الوقت والمسافات ،في اتخاذ قراراته واعلان مواقفه،عندما يقتنع بانها لصالح بلاده وابنتها المدللة اسرائيل، بعيدا عن الحسابات والنتائج.