حاتم القرعان : زيارة الملك إلى بريطانيا .. امل يعيد الثقه بصوت الحق
في زمنٍ تتلاشى فيه المبادئ وتضعف القيم أمام سطوة المصالح، تأتي زيارة الملك عبدالله الثاني إلى بريطانيا لتعيد ترسيخ الثقة بأن الصوت العربي لا يزال قويًا، وأن الضمير الإنساني لم ينكفئ بعد عن قضايا الأمة. كانت هذه الزيارة محملة بأثقال الهموم التي تشغل كل عربي حر، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وأوضاع أهلنا في غزة، إضافة إلى قضايا الأمن والاقتصاد التي تصب في استقرار المنطقة وتقدّم الأردن.
جلالة الملك عبدالله، والذي عُرف بصراحته ومواقفه الثابتة، جاء إلى بريطانيا برسالة واضحة لا تقبل التأويل. إنه يقف دفاعًا عن حق الشعب الفلسطيني في نيل استقلاله وحريته، عن غزة التي تعاني جراح الحصار والتضييق، وعن ملايين اللاجئين الذين وجدوا في الأردن موطنًا آمنًا. لم تكن هذه مجرد زيارة سياسية، بل هي رسالة حية تفيض بمعاني الصدق والنخوة، لتذكّر العالم أن القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف على طاولة التفاوض، بل هي قصة كفاح إنساني تمتد عقودًا، وأن الحل العادل المتمثل في حل الدولتين هو حق أصيل وليس مجرد خيار تفاوضي.
في المباحثات الثنائية، نجح الملك في كسب دعم بريطاني صريح لهذا الحل، ما يعكس الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة بين البلدين لتحقيق استقرار المنطقة. ولأن الملك يدرك جيدًا أهمية العمل على تحسين حياة الفلسطينيين على أرض الواقع، كان التركيز على كيفية تقديم الدعم الإنساني لغزة، الذي يتجاوز المعونة المالية ليصل إلى جوهر التخفيف من معاناة أهالي القطاع، وتجديد الأمل في مستقبل أكثر استقرارًا.
وفي مشهد يؤكد عمق الوعي السياسي، ناقش الملك مع الجانب البريطاني فرص توسيع التعاون الأمني والتجاري. هو يعلم أن الأمن والاقتصاد هما أساس الاستقرار في الشرق الأوسط، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها الأردن والمنطقة بأسرها. تعهدت بريطانيا بزيادة التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والتطرف، إضافةً إلى البحث عن استثمارات وفرص اقتصادية جديدة تعود بالنفع على الأردن وتفتح آفاق عمل جديدة للشباب.
هذه الزيارة لم تكن فقط لحماية المصالح الأردنية، بل كانت صوتًا لكل من أنهكته صراعات المنطقة وآماله معلقة في زعيمٍ يقول الحقيقة بلا وجل. الملك عبدالله يحمل عبء القضية الفلسطينية على عاتقه، ويطالب العالم بمواقف حازمة تدفع نحو سلام شامل وعادل، بعيدًا عن المزايدات والشعارات الفارغة.
إن زيارة الملك عبدالله الثاني إلى بريطانيا كانت أكثر من جولة دبلوماسية؛ كانت درسًا في الإخلاص والمبادئ الراسخة. كانت رسالة لكل أردني وعربي مفادها أن الوطن والقضية لا يزال لهما من يحميهما ويدافع عنهما بكل إخلاص.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.