د. رامي كمال النسور يكتب : نظام الريادة في الطاقة والتصميم
د. رامي كمال النسور :
نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة Leadership in Energy and Environmental Design أو (LEED)، وهو نظام معترف به دولياً بأنه مقياس تصميم وإنشاء وتشغيل مبانٍ مراعية للبيئة وعالية الأداء، ويهدف إلى مساعدة مالكي المباني ومشغليها على تحمل المسؤولية البيئية واستخدام الموارد بكفاءة؛ حيث يقيّم نظام التصنيف ويقيس أثر أي منشأة وأداءها، والتي تأخذ بعين الاعتبار عدة نقاط، منها اختيار الموقع وتوفير الطاقة والكفاءة المائية وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وتحسين البيئة الداخلية للتصميم، وغيرها. حيث يتم تصنيف المباني التي تنال هذه الشهادة إلى 3 مراتب حسب تطبيقها للمعاير المطلوبة، وهي: المرتبة البلاتينية الذهبية والفضية والموثقة.
تم تطوير هذا النظام من قبل المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء (US Green Building Council) في عام 1998. ويهدف «ليد» إلى توفير أُطر لمالكي هذه الأبنية، لتحديد وتنفيذ عملية تصميم المباني الخضراء، والبناء وعمليات الصيانة وحلولها. منذ العمل بهذا النظام والبدء بتنفيذه عام 1998، قام المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء بشمل ما يزيد على 14,000 مشروع داخل الولايات المتحدة فقط، ومشاريع أخرى غطت نحو 99 كلم مربع في 30 دولة.
السمة المميزة لهذا النظام LEED هو أنه عملية مفتوحة وشفافة، من حيث استعراض المعايير التقنية علناً، والتي يقترحها أعضاء مجلس المباني الخضراء الأمريكي للموافقة عليه من قبل الأعضاء الذي وصل عددهم حالياً إلى ما يقارب 20,000 عضو.
وقد تم إنشاء معهد شهادات المباني الخضراء أو اختصار (GBCI) من قبل مجلس المباني الخضراء الأمريكي، لتقديم سلسلة من الاختبارات للسماح للأفراد بأن يصبحوا معتمدين لنظام تصنيف (لييد). يتم الاعتراف بهذه الشهادة إما عن طريق (LEED AP) أو (LEED GA). كما تقدم شهادة (GBCI) عن طريق طرف ثالث لمتابعة مشاريع هذا النظام LEED.
تم مؤخراً تأسيس مجالس للأبنية الخضراء في دول مختلفة حول العالم منضمة تحت لواء المجلس العالمي للأبنية الخضراء، لإعطاء شهادات ليد وسن تشريعات بخصوص المباني الخضراء في تلك البلدان، كما حدث في كندا، وكثير من دول أوروبا، كبريطانيا وألمانيا وهولندا وبعض دول آسيا والباسفيكي: كأستراليا والهند، وفي منطقة الشرق الأوسط، الأردن والإمارات وقطر. حيث تختلف كل منها بالانضمام للمجلس العالمي، فهناك مرتبة المجالس المؤسسة (Established) ومرتبة المجالس الناشئة (Emerging) ومرتبة المجالس المحتمل انضمامها (Prospective) والمجموعات المرتبطة.
تعتمد شهادة LEED على نظام النقاط، تحصل المشاريع على نقاط LEED من خلال الالتزام بمعايير محددة للأبنية الخضراء عبر عدة فئات، بما في ذلك استخدام الطاقة وجودة الهواء. اعتماداً على عدد النقاط التي تم تحقيقها، يحصل المشروع بعد ذلك على أحد مستويات تصنيف LEED الأربعة: معتمد، أو فضي، أو ذهبي، أو بلاتيني.
تغطي معايير LEED مجموعة واسعة من المعايير التي تعكس الجوانب المختلفة للمباني الخضراء:
1. المواقع المستدامة: تعزيز الاستراتيجيات التي تقلل من التأثير على النظم البيئية والموارد المائية.
2. كفاءة استخدام المياه: تقليل كمية المياه اللازمة للمبنى وتقليل مياه الصرف الصحي.
3. الطاقة والغلاف الجوي: تحسين كفاءة استخدام الطاقة، لا سيما في محيط المبنى وأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC).
4. المواد والموارد: تشجيع استخدام مواد البناء المستدامة والحد من النفايات.
5. جودة البيئة الداخلية: تحسين جودة الهواء الداخلي وتوفير الوصول إلى الضوء الطبيعي والمناظر الطبيعية.
6. الابتكار في التصميم: تشجيع الاستراتيجيات المبتكرة التي تعمل على تحسين الأداء البيئي والاستدامة.
7. الأولوية الإقليمية: اعتمادات محددة تقدم حوافز لمعالجة الأولويات البيئية المحلية.
وتمتد فوائد شهادة LEED إلى ما هو أبعد من الإشراف البيئي، فمن جهة هنالك الفوائد البيئية وهي تقليل النفايات المرسلة إلى مكبات وأماكن معالجة النفايات، والحفاظ على الطاقة والمياه، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة الضارة.
وهنالك الفوائد الاقتصادية، وهي تقليل كلف التشغيل، وتعزيز قيمة الأصول والأرباح، وتحسين الأداء الاقتصادي لدورة الحياة، وغالباً ما يكون مؤهلاً للحصول على تخفيضات ضريبية وبدلات تقسيم المناطق وحوافز أخرى في العديد من المدن. أما الفوائد الاجتماعية، وهي تحسين صحة العاملين وراحتهم، وتقليل الضغط على البنى التحتية المحلية، والمساهمة في تحسين جودة الحياة بشكل عام.
ويجدر بالذكر أن هذا النظام أصبح منذ إنشائه، رمزاً عالمياً للتميز في الأبنية الخضراء. وقد صدق على أكثر من 100 ألف مشروع في أكثر من 167 دولة ومنطقة حول العالم، ما يجعله إطاراً محورياً في الحركة العالمية نحو التنمية المستدامة.
واعتمدت المدن والدول هذا النظام LEED بسبب منهجه الشامل للاستدامة الذي يشمل البناء الجديد والتجديدات الرئيسية والمباني القائمة. علاوة على ذلك، يعمل برنامج LEED لتنمية الأحياء على توسيع نطاق الاستدامة إلى ما هو أبعد من المبنى ليشمل الحي بأكمله، ما يشجع الممارسات الأكثر صحة واستدامة وكفاءة في التخطيط الحضري.
ونظراً لأن المخاوف البيئية أصبحت أكثر إلحاحاً، يستمر نظام LEED في التطور. يوفر الإصدار الأحدث، LEED v4.1، نهجاً أكثر مرونة وتوجيهاً نحو الأداء من الإصدارات السابقة. إنه يلبي احتياجات مجموعة واسعة من أنواع المباني والمشاريع ويسهل على أنواع مختلفة من المشاريع متابعة وتحقيق الأهداف المستدامة. يركز USGBC أيضاً على دمج التقنيات مثل IoT (إنترنت الأشياء) لتعزيز أداء البناء والمراقبة البيئية.
* مستشار الأسواق المالية والاستدامة
ـ جريدة الخليج