سياسيون: جهود أردنية مكثفة لإنقاذ «الأونروا»
كتبت: نيفين عبد الهادي
في ترحيب الأردن بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطلب رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل المتعلقة بأنشطة الأمم المتحدة والدول الأخرى لصالح الفلسطينيين، التي من ضمنها ضمان الإمداد دون عائق لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين على قيد الحياة وبالخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية والإنمائية، والتأكيد على أهمية الأونروا في تقديم المساعدات الضرورية للفلسطينيين، في ذلك رسالة أردنية هامة، وكذلك في تأكيد الأردن على أهمية استمرار تقديم المجتمع الدولي الدعم للأونروا، وأسفه لقرار السويد وقف تمويلها للأونروا أيضا رسالة عميقة، في دعم مد يد العون والمساعدة للأهل في فلسطين، ورسالة واضحة بضرورة بقاء الأونروا وعدم تجفيف منابع تمويلها وصولا لتنفيذ المخطط الإسرائيلي بتصفيتها.
سعي الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لبقاء الأونروا تقوم بدورها الهام، من الثوابت الأردنية التي يسعى تاريخيا لتحقيقها، من خلال كافة المؤتمرات والرسائل والدعوات وحث المجتمع الدول على دعم الأونروا، فالأردن يكاد يكون الدولة الوحيدة التي تقوم بهذا الدور، وفي تقديم الدعم المالي والسياسي للوكالة ضمان لاستمراريتها في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، ليس هذا فحسب، إنما بالتشديد على أن أي إجراءات تستهدف إحلال الوكالة بغيرها من منظمات الأمم المتحدة أو المساس بولايتها وصلاحياتها أو أي انتقاص أو تجيير لخدماتها المقدمة للاجئين، وهذا أمر مرفوض أردنيا، فتقديم هذه الخدمات مسؤولية حصرية للأونروا بموجب ولايتها الأممية وصلاحياتها ومسؤولياتها غير قابلة للتفويض.
موقف أردني ثابت، يرافقه الكثير من الجهود دعما للأونروا سواء كان في تقديم العون لها على أراضيه، أو على المستوى الدولي لبقائها على قيد العمل، ومؤخرا باتت الأمور تتجه للكثير من التعقيدات لسعي إسرائيل لتجفيف مصادر التمويل، وصولا لتصفية الأونروا الذي يحمل بقاؤها أهمية لتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وكذلك لرمزيتها ببقاء ملف اللاجئين، لا سيما أن الأونروا الجهة الدولية التي تحتفظ بمعلومات كاملة عن اللاجئين، وتورث صفة اللاجئ ما يبقي هذه القضية حية، وموثقة، وحامية لحق اللاجئ الفلسطيني بالعودة والتعويض.
مؤخرا، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطلب رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل المتعلقة بأنشطة الأمم المتحدة والدول الأخرى لصالح الفلسطينيين، التي من ضمنها أهمية الأونروا في تقديم المساعدات الضرورية للفلسطينيين، قابل ذلك قرار سويدي لم يأت لصالح الأونروا مطلقا، إذ قررت وقف تمويلها للأونروا، ليحضر الأردن بموقفين بين ترحيب وأسف، قابل ذلك تأكيد على أهمية استمرار تقديم المجتمع الدولي الدعم للأونروا التي تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه للاجئين الفلسطينيين والتي تؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق القانون الدولي.
وفي متابعة خاصة لـ»الدستور» حول الموقف الأردني الداعم لبقاء الأونروا وجهوده بهذا الإطار بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، واستهداف إسرائيل للأونروا سعيا لتصفيتها، والدور الأردني الجبار لحث المجتمع الدولي على الاستمرار بتمويل الأونروا، أكدت الحكومة الأردنية على لسان مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية المهندس رفيق خرفان مضي الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم الأونروا وحث المجتمع الدولي على بقاء التمويل وعدم تمرير السياسات الإسرائيلية الرامية لتصفيتها، في سعيها لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد سياسيون أن الأردن يدرك هذا الموضوع منذ عشرات السنين، وهو يقارع إسرائيل، ويضع ملف الأونروا أولوية في المحافل الدولية، وهاهو مستمر بموقفه بالدفاع عنها وإقناع الدول باستمرار التمويل. وبين المتحدثون لـ «الدستور» أن الظروف خلال المرحلة الحالية صعبة جدا، وإسرائيل باتت تصنف الأونروا منظمة إرهابية، سعيا لتصفيتها وفي ذلك خبث سياسي، مطالبين بضرورة وجود موقف عربي مع الأردني يخاطب المجتمع الدولي دعما للأونروا، وعدم وقف تمويلها، ذلك أن هدف إسرائيل بذلك إنهاء ملف اللاجئين، وهو ما يهدد حق اللاجئين بالحصول على الخدمات التي يحتاجون لها من الأونروا، ناهيك عن تهديد حقهم الذي كفلته القوانين والشرعية الدولية بالعودة والتعويض.
رفيق خرفان
مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية المهندس رفيق خرفان قال إن جلالة الملك عبدالله الثاني يضع ملف الأونروا أولوية، ويسعى بكافة المناسبات والمحافل الدولية لحث المجتمع الدولي على دعمها والحفاظ عليها، علاوة على دعم جلالته للاجئين الفلسطينيين بالكثير من المكرمات الملكية بقطاعات متعددة، والتوجيه الدائم لتحسين أوضاعهم.
وأضاف المهندس خرفان أن دور الأردن منذ عشر سنوات يقدم كافة الدعم للأونروا، ويسعى بكل الجهد لتوفير الحشد لها بالتمويل والدعم السياسي، لافتا إلى أن الغالبية العظمى للمناسبات الدولية المعنية بتوفير الدعم السياسي والتمويل للأونروا كانت من خلال الأردن، وللأسف من السويد كذلك، التي أعلنت وقف تمويلها للأونروا مع تغير البرلمان وقررت قطع الدعم.
ولفت المهندس خرفان إلى أن الأردن دوره كبير بجهود دبلوماسية من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، لدعم الأونروا، وسيستمر بذلك، ليبقى أكبر داعم للأونروا، في كافة المحافل الدولية، والتي نأمل أن يلقى حشده هذا تجاوبا دوليا يحمي بقاء الأونروا. وأضاف: لا يخفى على أحد أن الأردن إلى جانب دعمه السياسي، فهو يدعم ماليا الأونروا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الكتب المدرسية تتم طباعتها من موازنة الدولة وتصل كلفتها سنويا إلى مليون و500 ألف دينار، وهذا تبرع من الأردن للأونروا، وكذلك يمنحها أراضي لمشاريعها، علاوة على جهود جلالة الملك في حث المجتمع الدولي على دعم الأونروا. وأكد خرفان أن وقف السويد تمويل الأونروا خطوة سيئة، كون السويد من الدول الرئيسية في دعمها، وكانت غالبية الجهود التي تبذل لحث المجتمع الدولي لتمويل الأونروا تتم بالشراكة بين الأردن والسويد.
إبراهيم بدران
وأكد الوزير الأسبق الدكتور إبراهيم بدران أن الأردن هو أهم دولة داعمة للأونروا ويقدر الدعم الذي يقدمه بما لا يقل عن 500 مليون دولار سنويا، ولكن هذا الدعم عيني وليس نقديا مباشرا، فهناك دعم في موضوع التعليم والصحة وغيرهم من الخدمات التي هي أساسا مناطة بالأونروا، ولكن بسبب ظروفها المالية فإن الأردن يقدم هذا الدعم، لا سيما أن أكبر دولة داعمة للأونروا كانت الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أوقفت دعمها، وكذلك عدد من الدول الأوروبية، نظرا للضغوطات الإسرائيلية الرامية لتصفية الأونروا، ما يعد واحدا من الأهداف الأساسية لها، ووصل الأمر حد اتهامها بأنها منظمة إرهابية.
ولفت بدران إلى أن إسرائيل منذ التسعينيات وهي تحاول إلغاء الأونروا وتشجع الدول المانحة على عدم دعمها، وتتقدم بكل مناسبة بحجج تجريدها من هدفها الأساسي، وهدفها سياسي خبيث، ذلك أن الأونروا لديها السجل الرسمي المعترف به للاجئين الفلسطينيين، وبالتالي فإن اللاجئين المشمولين بقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار 191 الذي يقضي بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم سجل في يد الأونروا، وتريد إسرائيل أن يتم حلها وإلغاؤها، وبهذه الحالة لا يكون هناك توثيق وسجل رسمي للاجئين معترف به من الأمم المتحدة، لذلك ضغطت على الدول المانحة لوقف التمويل، وفي الفترة الأخيرة لاحظنا أن عددا من الدول الأوربية استجابت للضغوط وقطعت التمويل، أو تقدم دعما لمؤسسات أخرى كبديل للأونروا وفي ذلك خطر كبير. وذكر بدران أن الأردن يدرك هذا الموضوع ومنذ التسعينيات، والأردن يقارع إسرائيل في المحافل الدولية، ويعقد اجتماعات بهذا الشأن واستمر في الدفاع عنها أردنيا وإقناع الدول باستمرار الدعم، والآن في هذه الظروف الصعبة من الضروري وجود موقف عربي مع الأردن يدعم جهوده الدولية للمحافظة على الأونروا، فعندما يكون الجهد عربيا يكون الضغط أكثر تأثيرا، وتوحيد الجهد لتوفر التمويل الكافي لبقاء الأونروا وأداء دورها المهم.
وأشار بدران إلى أهمية الجهد الدولي في دعم الأونروا، ودعم الموقف الأردني في بقائها، وقال «للأسف كما نرى وجود بعض الدول تتجاوب مع محاولات إسرائيل تجفيف منابع التمويل للأونروا حتى تصبح عاجزة عن أن تقوم بأي عمل، لهذا السبب يتوجب على الدول دعم الجهود الأردنية في بقاء الأونروا».
ميشيل نزال
من جانبه، قال العين ميشيل نزال إن الأونروا تواجه حربا تستهدف بقاءها ومنع تقديمها الخدمات للاجئين الفلسطينيين، إذ تصر إسرائيل على تصفيتها من خلال تحريض الدول الداعمة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ومؤخرا السويد التي كانت تعد أكثر الدول دعما لبقائها، وتستمر بهذه السياسيات الرامية لأهداف سياسية بالطبع، ذلك أن الأونروا منظمة لها رمزيتها في بقاء قضية اللاجئين، وفي تصفيتها تصفية لهذه القضية الهامة والجوهرية.
يقابل ذلك، وفق نزال، جهود أردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وهي جهود جبارة لبقاء الأونروا، ذلك أن تصفيتها نهاية ملف هام وهو أحد ملفات الحل النهائي، ليس هذا فحسب وإنما الأردن يقدم دعما عينيا للأونروا على مدار العام لجهة طباعة الكتب المدرسية على سبيل المثال، علاوة على الخدمات الصحية والتعليمية المتعددة، وكل هذا في سبيل بقائها الذي يعد مسألة هامة جدا للأردن.
وأعرب نزال عن أمله أن تتكاتف الجهود للوقوف مع الأردن في استمرارية بقاء الأونروا والسعي لعدم تمرير مخططات إسرائيل في تجفيف موارد دعم الأونروا وصولا لتصفيتها، وهذا يتطلب جهودا عربية ودولية مكثفة. ــ الدستور