الأعرج: المخدرات التحدي الأكبر للمجتمعات
عمّان - غدير السعدي
أكد المدير التنفيذي لشبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحد من مخاطر المخدرات، إيلي الأعرج، أن المخدرات تمثل تحدياً كبيراً للمجتمعات، وتسبب أضرارا صحية تؤثر على المناعة والأعصاب وأعضاء الجسم، فضلًا عن تأثيراتها النفسية والاجتماعية على الأفراد المدمنين وأسرهم.
وأوضح أن الإدمان مرض مزمن يتطلب العلاج، مشيراً إلى أن الجهود التقليدية لمكافحة المخدرات باهظة التكلفة وغير كافية، ما يستدعي تبني «استراتيجية خفض الضرر» التي أثبتت فعاليتها اقتصاديا ومجتمعيا.
الرأي حاورت الأعرج، وتاليأً نص الحوار:
كيف تعرّف منهجية خفض الضرر في مجال المخدرات؟
أطلقت منظمة الصحة العالمية استراتيجية خفض الضرر في أواخر تسعينيات القرن الماضي بسبب تزايد أعداد الأشخاص الذين يلتقطون عدوى فيروس نقص المناعة البشري بين مستخدمي المخدرات عبر الحقن.
وتتضمن الاستراتيجية عشرة برامج؛ منها التوعية والتثقيف وتقديم المشورة والفحص الطوعي لفيروسات التهاب الكبد (B وC)، وعلاج السل وفيروس نقص المناعة البشري والأمراض المنقولة جنسياً وبرنامج تبادل الحقن والمحاقن وتوزيع الحقن النظيفة، وكذلك العلاج المناهض لـ«الأفيونيات».
كما أضافت المنظمة «النالكسون» وهو علاج مضاد للجرعة الزائدة، وبالتالي يحمي الحياة وهو موجود في غرف الطوارئ بالمستشفيات.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه المنطقة العربية؟
تواجه الدول العربية تحديات كبيرة في مكافحة المخدرات، بدءاً من وجود أنواع جديدة يتم إنتاجها محلياً باستخدام مواد كيميائية، ما يشكل عبئاً إضافياً على الأجهزة الأمنية، كما تُعد القوانين التي تعاقب المستخدمين كمجرمين بدلاً من توفير العلاج من أكبر العوائق أمام تطبيق استراتيجيات خفض الضرر.
وهناك كذلك الوصمة والتمييز اتجاههم، وضعف الخدمات الصحية الداعمة اللازمة، وهنا تبرز الحاجة إلى تعديل السياسات لتتماشى مع توصيات منظمة الصحة العالمية، وتعزيز منهجيات حقوق الإنسان والصحة العامة.
ويجب توعية المجتمع عبر شراكات فعالة وأنشطة مناصرة، لتغيير القوانين والسياسات وتوفير البيئة الداعمة التي تشجع على العلاج وتقلل من الوصم الاجتماعي.
كيف تساهم «مينارة» في الحد من مخاطر المخدرات؟
تعمل شبكة «مينارة» على المستوى الإقليمي لدعم برامج المناصرة وبناء قدرات الشركاء الوطنيين، وتعزيز تبادل الخبرات بين دول المنطقة والعالم، حيث تعالج قضية المخدرات بثلاث استراتيجيات رئيسية؛ الأولى هي الحد من العرض عبر مكافحة التهريب والترويج بدعم الأجهزة الأمنية.
والثانية هي الحد من الطلب من خلال التوعية والشراكات لبناء بيئة تمنع الشباب من تعاطي المخدرات وتحميهم من الأمراض الناتجة عنها.
أما الثالثة فتركز على خفض الضرر عبر برامج تعالج الأضرار الصحية والاجتماعية، مع مراعاة الاحتياجات والسياقات المحلية.
هل يوجد نماذج ناجحة في المنطقة العربية؟
بالطبع، تمكنت المغرب ولبنان من الحد من انتشار فيروس نقص المناعة البشري بين متعاطي المخدرات بالحقن، حيث لم تسجل أي حالات إصابة جديدة بينهم منذ سنوات، كما تعد مصر نموذجاً بارزاً في هذا المجال، بفضل المبادرة الرئاسية للقضاء على التهاب الكبد الوبائي.
أما في الأردن، فنعمل بشكل وثيق مع مؤسسات المجتمع المدني مثل شراكتنا مع «مركز سواعد التغيير» لتعزيز جهودنا في مجالات الوقاية والعلاج.
كيف يمكن استخدام الريادة لتعزيز برامج الحد من المخدرات؟
يمكن ذلك من خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة في التواصل مع الجيل الجديد، الذي يعد أكبر مستخدم للإنترنت.
حيث يمكن إيصال رسائل توعوية مؤثرة ومقنعة تركز على الحوار والنقاش بدلاً من الأساليب التقليدية التي تعتمد على النصائح فقط، ويجب أن تتسم هذه الرسائل بالواقعية، وتستهدف إفهام الشباب لخطورة المخدرات وتأثيرها السلبي على حياتهم، مما يعزز الوعي والوقاية بطرق حديثة وجذابة.
ما أبرز المشاريع المستقبلية للشبكة؟
يوجد عدة مشاريع مستقبلية تشمل العمل مع رجال إنفاذ القانون والمؤسسات الدينية من مختلف الأديان لإنشاء شبكة إقليمية لتعزيز التعاون في مجالات الصحة وحقوق الإنسان. بدأنا بلقاءات إقليمية مع البرلمانيين في كل بلد لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.
كما جرى التواصل مع جامعة الدول العربية لمراجعة الاستراتيجية العربية لمكافحة الإيدز، وتم توقيع مذكرة تفاهم مع الجامعة لتنفيذ الاستراتيجية عبر شبكات «مينارة» و«رانا»، وهي الشبكة الإقليمية العربية التي تعمل على مكافحة الإيدز، بالإضافة إلى التعاون مع شبكة «ميناروزا» لدعم النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري.
كما نركز على تعزيز القدرات من خلال برامج تدريبية ونأمل بتأسيس أكاديمية تعنى بالصحة وحقوق الإنسان. ــ الراي