الأخبار

الإصلاح.. منظـومـة شامـلـة بـرؤيـة ملـكيـة ثـابـتـة

الإصلاح.. منظـومـة شامـلـة بـرؤيـة ملـكيـة ثـابـتـة
أخبارنا :  

نيفين عبدالهادي

بدأت خطى التحديث والتطوير في تاريخ الأردن بالكثير من الإنجازات على كافة الصعد، لتمضي في مسيرة ثريّة بالإجراءات التي وضعت المملكة اليوم في مكان متقدّم من التحديث السياسي والإداري والاقتصادي على مستوى إقليمي ودولي، بتوجيهات ومتابعة شخصية من جلالة الملك عبدالله الثاني، ليكون نهج عمل وقرارا وليس خيارا ترفيّا.

الإصلاح في مسيرة الوطن لم يكن خطة فضفاضة غير واضحة الرؤى والخطى، فقد وضعت له خططا واضحة بمحددات زمانية ومكانية وببرامج عملية، بإشراف جلالة الملك بنفسه على وضع الأطر التشريعية والتنفيذية والزمنية لكافة تفاصيله، ليصبح اليوم هرما متكامل التفاصيل وحقائق ملموسة، في ظل انتهاء التشريعات الخاصة بكافة مساراته التي اختارها الأردن مفتاحا لمئويته الثانية، ودخول خطاه حيّز التنفيذ، وأصبحت الخطى القادمة تتجه نحو قياس حجم الإنجاز على كافة المسارات الإصلاحية والتحديث.

تاريخيا يسعى الأردن لتحقيق نهج إصلاحي يلمسه المواطنون كافة. واليوم، ونحن نحتفل بعيد الاستقلال فإننا نجد أنفسنا أمام قراءات كثيرة منذ نشأة الدولة لتحقيق إصلاح عملي على كافة المجالات وفي كافة القطاعات، وجعله واقعا ملموسا، لتصبح مسيرة الإصلاح اليوم أكثر عملية وأكثر التزاما في ظل متابعة جلالة الملك الشخصية ووضع إطار زمني للتنفيذ، ووضوح الرؤية من خلال وجود خطط تنفيذية حرصت الحكومة على إعدادها ترجمة لتوجيهات جلالة الملك، واستكملت بها جزءا كبيرا من برامجه لا سيما التشريعية منها.

اليوم، والأردن يحتفل بعيد الاستقلال الثامن والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، تستوقفنا حزمة من الإنجازات التي قادها جلالة الملك على كافة الأصعدة والمجالات، ويعدّ الشأن الإصلاحي والتحديث أحدها، إذ وضعه جلالة الملك أولوية، ليصبح أساسا في مفاتيح الدولة لدخولها مئويتها الثانية، بمحددات تنفيذية وزمانية واضحة، فلم يعد مقبولا البقاء في دائرة البحث والدراسات والقراءات، لا سيما مع وجود إرادة سياسية عليا من قائد الإصلاح جلالة الملك عبدالله الثاني بضرورة إحداث ثورة بيضاء لتحقيقه، كونه أصبح حاجة تفرضها متطلبات المرحلة، في ظل وجود بيئة حقيقية لتحقيقه على أرض الواقع.

بمناسبة الاحتفالات بعيد الاستقلال للمملكة الـ (78) تقرأ «الدستور» واقع الإصلاح وفق رؤى جلالة الملك، إذ يبدو واضحا أن الإصلاح أصبح اليوم حالة عملية يعيشها الوطن، على مساراته السياسية والإدارية والاقتصادية، فقد جعل جلالة الملك من الإصلاح حالة إنجاز بشكل واضح، ونحن نعيش نتاجه على أرض الواقع، ففي المسار السياسي وضعت له «ذخيرة» من التشريعات المهمة التي تم بموجبها ترتيب البيت الحزبي، ونحن نستعد لخوض انتخابات نيابية هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة ستقود للحكومة الحزبية والبرلمانية.

وقطعت الحكومة شوطا كبيرا في المسار الإداري، ومضت في درب ترشيق الجهاز الحكومي وإعادة هيكلة القطاع العام، واستحداث وزارات مهمة وإلغاء بعضها ودمج أخرى، وفقا لرؤية ستقود لشكل أكثر حداثة للقطاع، كما مضت في درب التحديث الاقتصادي وصولا لمنظومة اقتصادية حديثة تتجاوز بها المملكة الكثير من التحديات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وغيرها من تفاصيل تضمنتها رؤية التحديث الاقتصادي.

وفي متابعة «الدستور» الخاصة، أكد سياسيون أن الأردن حقق خطوات حقيقية نحو إصلاح واقعي يلمس نتائجه الجميع في كافة تفاصيل الحياة، كونه ركز على أهم مساراتها، فلكل مسار تم تحقيق إنجازات بشأنه ذات أهمية كبرى، وكلها تحمل ذات الأهمية على الحياة العامة في السياسة والاقتصاد والإدارة العامة، مما يجعل من هذه المسيرة علامة فارقة في تاريخ الوطن بقيادة جلالة الملك ومتابعته الشخصية.

وقال المتحدثون لـ «الدستور» إن كافة مسارات الإصلاح مهمة، وفي تطبيقها حالة إصلاح حقيقية، ورغم وجود أولويات في تطبيقها حيث يعدّ الإصلاح السياسي أولوية تقود نحو تحقيق إصلاح حقيقي في كافة المجالات، فإن في تحقيق المسارين الإداري والاقتصادي أهمية كبرى أيضا، تكمل دائرة هذه المنظومة بنجاح وبحقائق على أرض الواقع.

إصلاح سياسي أولا

رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران أكد أننا اليوم بحاجة إلى إصلاح سياسي أولا، ذلك أنه إذا لم يحدث الاصلاح السياسي لا يمكننا الوصول لإصلاح اقتصادي أو إداري كون السياسي مظلة لها جميعا، وتتبع له، وأن المنظومة السياسية هي التي تنمّي الحكومات البرلمانية، فمن خلال هذا الإصلاح يتم إعداد قوانين حاضنة للإصلاح، تحديدا إذا تحدثنا عن قانوني الأحزاب والانتخاب، والأهم تعزيز ثقافة الأحزاب والعمل الحزبي.

وأضاف أن الأحزاب هي التي تنمّي العمل الصالح وهي التي تنمّي الاقتصاد والاعتماد على الذات وسيادة القانون وعملية الاستقلال الذاتي، وتنمّي آلية تعاملنا مع شعوب أخرى حسب مصالحنا، لذلك فإن منظومة الإصلاح السياسي هي الأساس وهي بداية الطريق للإصلاح بشكله الكامل.

وأشار بدران إلى أن الأردن بقيادة جلالة الملك قطع شوطا كبيرا في هذا الجانب، مبينا أن الأرواق النقاشية لجلالة الملك تشكل رؤية هيكلية لإصلاح سياسي واقتصادي وإداري شامل، لذلك من المهم أن يؤخذ بها على محمل التطبيق، لبناء منظومة سياسية معاصرة، لافتا إلى أن من أوراق جلالته ما تنادي بالدولة المدنية وبنفس الوقت بالحريات والاحترام على أساس المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.

مبادرات ملكية مبكرة

الوزير الأسبق الدكتور بشير الرواشدة قال إنه منذ عام 2003 أرسل جلالة الملك رسالة لرئيس الوزراء في ذلك الحين فيصل الفايز تحدث خلالها جلالته عن إصلاحات سياسية تبعها الكثير من المبادرات الملكية، كان أولها «أهل العزم»، ومن ثم مبادرة «الأردن أولا» ثم «الأجندة الوطنية»، وكان أحدث هذه المبادرات الأوراق النقاشية وكان أولها في شهر كانون الثاني عام 2012، بمعنى أننا نتحدث عن تسع سنوات، وست أوراق من الأوراق النقاشية تتحدث عن التحوّل الديمقراطي وعن دولة المؤسسات والحكومات البرلمانية وسيادة القانون وتكافؤ الفرص ومكافحة الفساد، وغيرها من المفاصل الإصلاحية المهمة.

وأضاف الرواشدة: على كل الحكومات أن تفرّغ هذه المبادرات لبرامج، وأن نعمل جميعا على تنفيذها في أوقات معينة وأن تكون قابلة للقياس، للتأكد من نجاحها، لافتا إلى توجيه جلالة الملك بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، «وقد رأينا نتائج عملها الذي نجني أهم ثماره قريبا بإجراء الانتخابات النيابية في أيلول».

ولفت الرواشدة إلى أن حاجتنا إلى الإصلاح الشامل، وليس فقط في جانب دون الآخر، بمعنى ألا نأخذ هذا الجزء من ذاك الكل، حتى نصل إلى منظومة إصلاح متكاملة، للوصول إلى ما يسمى بـ «تلازم المسارات» بمعنى أن الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري وحتى التعليمي تسير جنبا إلى جنب.

وفي هذا الإطار، وفق الرواشدة، علينا الإشارة إلى أن الإصلاح السياسي هو مظلة لكل أشكال الإصلاح، وحتما إذا تمكنا من تحقيق إصلاح سياسي حقيقي فإنه ينعكس على كل المجالات، ذلك أن الإصلاح السياسي يعني مراقبة ومساءلة وشفافية، وتحقيقه ينعكس على المسارات الأخرى، ما يجعل مما حققناه من خطى تقدّم بهذا الشأن خطوات مهمة، وسنصل إلى منظومة إصلاح متكاملة.

وتابع: الإصلاح يجب أن يكون شاملا، على أن تكون الأولوية للسياسي، وأن يناط بذات الوقت لأشخاص ومختصين للسير في أوجه الإصلاح الأخرى، وأن تلتقي في مجملها في وقت معين على نتائج محددة لجهة الإصلاح.

وأشار إلى أنه في الحديث اليوم عن الإصلاح يبرز جانب «الحزبية» وبث الثقافة الحزبية، وقال: من وجهة نظري أن هذا الأمر مهم جدا ومن شأنه إحداث نقلة إيجابية في الإصلاح السياسي، ولكن يجب التنبّه إلى أن المواطن حتى يقتنع بالعمل الحزبي يجب أن يجد ما يفيده بها، ودون ذلك لن يلجأ لها، وهذه مهمة الأحزاب بسعي عملي لإطلاق برامج تقدّم بها خدمات للمواطنين، إضافة لتأكيد حرصها على تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص في كافة المجالات.

مرجعية أساسية

وأكد الوزير الأسبق عبد الفتاح صلاح أن الإصلاح الذي نريده إصلاح شامل لجميع مناحي الحياة يحقق تنمية اقتصادية وسياسية وإدارية واجتماعية بحيث يشعر المواطن أنه يعيش في أمان واستقرار ولا يخشى من القادم، مشيرا إلى أن الجمع بين الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري طموح يمكن أن يتحقق بالعزيمة والإصرار والعمل الجاد.

ولفت صلاح إلى أن الأوراق النقاشية من أهم المرجعيات في موضوع الإصلاح، وقال: أنا على يقين أن خطى الإصلاح التي انتهجتها المملكة اتخذتها مرجعية أساسية، ورجعت لها وأخذت منها ما يساعدها في عملها، فجلالة الملك في هذه الأوراق فتح آفاقا واسعة لكل من يريد إصلاحا في أي مجال من مجالات الحياة.

وأضاف: هذه الأوراق لم تترك شأنا إلاّ وتطرقت له لتقود نحو إصلاح شامل سياسيا واقتصاديا وإداريا، وفي التعليم وفي شؤون اجتماعية متعددة، فهي تشكّل بشكل حقيقي مرجعية أساسية للإصلاح، على الجهات التنفيذية كافة التقاط أهميتها وتطبيقها، في ظل قراءة وتحليل هذه الأوراق بشكل مكثف، الأمر الذي يجعلها اليوم تحتاج تطبيقا وترجمة. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك