اسامة الرنتيسي يكتب : سماحة السيد.. أين ما بعد بعد غزة!

حتى لو خرج غدا محبو ومناصرو السيد حسن نصرالله في وقفة تضامنية مع خطابه الذي كان منتظرا، ورفعوا صوره وهو يهدد في خطابات سابقة، فلن يُغيِّر من المشهد شيئًا.
صحيح أن العالم كله وقف على قدم ونصف بانتظار خطاب السيد، لكنه بعد ساعة و24 دقيقة من التوصيف والتأريخ والمقاربات والدعم والتضامن مع "طوفان الأقصى” إلا أنه لم يستجب لطموحات الجمهور الذي كان ينتظر شيئًا مختلفًا.
هل كان الخطاب مُحْبِطًا، نعم، وهل كان مُمِلًا، نعم، وهل كان طويلًا جدًا، نعم، وهل كان السيد مضطرا له، أعتقد أنه لم يكن ضروريا، ولا حاجة له، ولو لم يخرج للجمهور بعد كل هذا الانتظار لكان أفضل، وبقيت هيبة الصمت حاضرة.
بعد فيديوهات التشويق التي صنعها إعلام الحزب كانت التوقعات كلها مختلفة، لقد شاركت يا سماحة السيد في إيهام الناس أنك تخطط لشيء كبير، حركات بأصابعك، وقلمك، ونظاراتك، ومصطلحات عائدون، فهل تتوقع أن العالم ومُناصريك كانوا بانتظار محاضرة حول كرامات الشهيد التي توسّعْتَ بها كثيرا.
شخصيا؛ كنت أتوقع أن لدى السيد شيئًا لا يعلمه إلا هو اضطره للخروج للجمهور إستباقا لحدث كبير، لكن بعد الاستماع لخطاب سماحة السيد، ظهر أن معلومات السيد لا تتجاوز معلومات أي مراقب للأحداث ومتابع جيد للفضائيات، وقارىء نهم لما يكتب من تعليقات على السوشيال ميديا.
لم يأت بجديد، وحتى تركيزه على أن العملية فلسطينية 100 % في القرار والتنفيذ، تحمل وجهتي نظر، الأولى بحسن نية التأكيد أن قرار العملية جاء من حركة حماس وحدها بعيدا عن "وحدة الساحات” والثانية بسوء نية أن كل واحد "يخلع شوكه بإيده” وليس مطلوب منا سوى الدعم والتضامن.
ركز سماحة السيد على دور الجبهة الشمالية وأنها تقوم بمشاغلة العدو الصهيوني الذي اضطر إلى أن يضع نصف قواته في مواجهة قوات المقاومة اللبنانية، فهذا لا يكفي من محور يعتبر القوة الأولى بين قوى "محور المقاومة”.
وحتى قوله إن كل الخيارات مفتوحة، جاءت ردة فعل الكيان الغاصب سريعة وغاضبة، فالتهديد على لسان النتن ياهو جاء عنيفًا، والمجازر التي ارتكبت فور انتهاء الخطاب في ثلاث مستشفيات في غزة ومجزرة للنازحين في مدرسة أسامة بن زيد، رسالة بالغة الوضوح أن الكيان الغاصب لا يعترف بالبطولات الكلامية ويعرف مديات لغة التهديد الحقيقية.
لن تنتقد المقاومة في غزة خطاب سماحة السيد مع أنه ما جاء في الخطاب يتلخص بالنسبة لهم بالآية القرآنية "إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون..”، وعدم النقد مثلما قال أنصار المقاومة "صوت يدعمك أفضل من صوت يلعنك..”.
يا سماحة السيد؛ كنا ننتظر ما بعد بعد حيفا، وكان الغزيون الذين يسفك دمهم كل لحظة عبر شاشات الفضائيات في جرائم غير مسبوقة، يتأملون منك في لحظة وهج النصر أن يسمعوا ما بعد بعد غزة، لعلهم ينامون ليلة من دون مذبحة، لكان هيهات هيهات لهذه الأمة التي لم يبق فيها ولا "وا معتصماه…”.
سماحة السيد، نعتذر أن بعضنا عوّل عليك كثيرا (مثلما يقول أنصارك)، لكن خطاباتك النارية، وخطابات الولي الفقيه الإيراني الأكثر نارية، التي لا تتوقف عند مسح "إسرائيل” من الوجود، ثبت أنها سوف تحارب أميركا (الشيطان الأكبر) حتى آخر فلسطيني ولبناني وسوري ويمني وعراقي، وفي الخلفيات هذه الأيام اتفاق جديد أميركي إيراني تتم صياغته على وهج نار المنطقة.
سماحة السيد، بعضنا يحبك نعم، لكننا نحب فلسطين وغزة أكثر.
الدايم الله….
ــ الاول نيوز