الأخبار

محمد عبد الجبار الزبن : صنّاع الحروب.. كفوا أيديكم وكفاكم تدميرا للشعوب

محمد عبد الجبار الزبن : صنّاع الحروب.. كفوا أيديكم وكفاكم تدميرا للشعوب
أخبارنا :  

في بئر الحرمان نرمي سعادَتنا، وفي غيابة الجبّ ندفن فرحتنا، وما بين إشراقة شمس ومغيبتها تغيب عنّا الضمائر الإنسانية، ويشرع مَن بيده القوّة للسطوة على الأضعف منه، في مسلسل متواصلٍ منذ هابيل وقابيل، وانظر ينبئك عن صراع الحضارات.

ولكننا.. ومنذ بدء الاستعمار الحديث تغيّرت مفاهيم الصراع، فقد أصبح الذين بأيديهم أوراق اللعبة، لا يملّون من رؤية الصراعات الداخلية بين الشعوب وعلى أتفه المسببات، وتنتشي «الجواكرُ» نَخبَ الموت على جثث الأبرياء، ويرقصون على لحن الوداع الأخير، ويذرفون دموع التماسيح على الضياع والتشريد اللذين أصبحا مصيرَ الكثيرين.

ويبقى السؤال: إلى متى تبقى شعوبنا العربية تستهلك آلة الحرب في جسدها الممزق؟. واليوم.. وبكلّ لغات الإنسانية يخاطب العقلاءُ ضمائر الإنسانية، التي تشاهد انكسار الخواطر: إنّه حريّ بنا أن نستيقظ على الزراعة والصناعة والتجارة والبناء في وطننا العربيّ الكبير، لا أن نستيقظ على مدافع البارود وهي تدكّ ما تبقى من أحلامنا، وترسم اليأس على محيّا أكبادنا، كما تزرع الألغام في بلادنا.

فيا من تتقاتلون، وكلّما انتهت قصة مأساوية في بلد عربيّ، حرّك المُخرج يديه مناديا ما تحت الرّماد في بلد آخر أن يتحوّل إلى جمرٍ يتلظّى وإلى شرارٍ يحرق أبدان الضعفاء الذين لا يملكون نعالا يرتحلون بها فضلا عن طائرات تقلّهم إلى بلاد الواق واق.

وإنّ شعوبًا يوحدهم دين واحد، ولسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان، لا ينبغي لهم أن ينسوا الفضل بينهم، ولا أن يهدموا الأرحام التي بينهم، ولا أن يغرقوا قارب القرابة في بحر الظلم والظلمات، وهذا فضلا عن أنّ الشعوب أصبحت تعرف فنّ صناعة الحروب ومن هو الذي يصنعها، لتحقيق الأهداف الماكرة التي ترسو في مستنقعات ضحلة، ولم يعدْ الذي يصنع الحروب بطلا، لأجل ذلك تحوّل المشهد إلى أصابع تتحرّك من وراء الكواليس، ولا نرى سوى الأطفال والأبرياء تنغرس في أجسادهم رصاصات الموت، وتعصر حياتهم أسلحة الدمار والتدمير.

أين نحن من أب وأمّ عاشا ثلاثين وأربعين سنة يربّون أبناءهم، وينحتون في الصخر بيت السعادة، وتأتي رياح عاتية ينفثها حقد الإنسان على أخيه الإنسان.

فهل من مبلّغٍ عنّا نحن معاشر الشعوب، إلى الذين يقتتلون في بيت العروبة: أن كفوا أيديكم فأنتم لا تملكون رقاب الناس، وكفاكم تدميرا للشعوب، فقد مللنا ونحن نرى إخواننا في الإسلام والعروبة، حتى إخواننا في الإنسانية من شعوب مضطهدة، مللنا من رؤية التعدّي ليس لشيء سوى تحقيقٍ لرغبات الوهم والهوى والجدل والكبرياء والغطرسة.

وكم هو ضروريّ أن يسعى كلّ بلد امتنّ الله عليه بالأمن والأمان، لتوثيق عرى المحبة والألفة والانتماء، ونقلل الخلاف فيما يسعنا فيه الاختلاف، وأن نتماسك أمام أيّ زوبعة تأتي من وراء ستار الليل البهيم، لأنّ الفتنة عمياء كما وصفها النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وحذرنا منها ومن كلّ نزاع وعصبية وعنجهية.

ومع أنّ الالتفاف حول المبادئ والقيم ضرورة إنسانية، إلا أنني أُذكّر الذين نسوا أنهم في شهر رمضان المبارك، وانهالوا على أنفسهم يقتتلون، ونسوا أنّ أرواح الذين يقضون نحبهم في الاقتتال ستكون في رقاب الذين صنعوا حربًا يقاتل فيها الوليف وليفه والقريب قريبه والأخ أخاه.

اللهم.. ألّف على الإخاء قلوبنا وأبعد عنا جميعا القتل والاقتتال. ــ الراي

agaweed1966@gmail.com

مواضيع قد تهمك