الأخبار

محمد يونس العبادي : وعي أردني باكر لفلسطين وهمومها

محمد يونس العبادي : وعي أردني باكر لفلسطين وهمومها
أخبارنا :  

من بين الوثائق البارزة، في تاريخنا الوطني، والتي تعبر عن وعيٍ أردنيٍ باكرٍ، بما يحاك ضد فلسطين، ما نقلته صحيفة الدفاع، في 23 نيسان 1935م، في حديث للملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، مع لجنة برلمانيةٍ من مجلس العموم البريطاني.

وأهمية هذا الحديث، بأنه واحد من بين آلاف العناوين الأردنية في تاريخنا، التي شكلت الفكر والفهم السياسي الأردني، لفلسطين، وقضيتها، وفي وقتٍ باكرٍ.

فاللجنة البرلمانية هذه حاورت الملك المؤسس (الامير آنذاك)، بعد عودتها من فلسطين، ومما جاء في الحوار، أنّ الملك المؤسس تحدث بصفته الشخصية، كعربي وليس بصفته الرسمية، وفق ما قال لهم، آنذاك.

ما يظهر الاهتمام الباكر، ورغم الانتداب، بفلسطين، إذ قالت اللجنة للملك المؤسس آنذاك، بأنها «سمعت ارآء متناقضة جداً من جميع الطبقات حتى ليصعب علينا الوصول الى الحقيقة، ولذلك نريد من سموكم مساعدتنا في فهم حقيقة الموقف».

ويقول الملك المؤسس في ذات الحوار، الذي نقلته «الدفاع": إنّ الفتوحات التاريخية كثيرة والفاتح كان ينتصر بقوة السلاح والمغلوب كان يذعن للغالب حرباً، ولكن الفتح الحاضر في فلسطين لم يسبق له مثيل في التاريخ انه فتح سلمي بالمال وبقصد الإجلاء ومثل هذا الاسلوب فظيع جداً ويؤلم كل عربي.

وهذا يعبر عن إدراكٍ أردنيٍ باكرٍ للمشكلة الفلسطينية، وقبل النكبة بسنوات، إذ يتابع الملك المؤسس القول: «إن فلسطين منذ أقدم الأزمنة هي عربية واحتفظت بصبغتها العربية رغم تعدد الدول الفاتحة التي تعاقبت عليها منذ العصور البيزنطية الى الفتح الاسلامي العربي الى الفتح العثماني، لقد ظلت فلسطين عربية وعزيزة على العرب، وبخاصة لوجود المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين في ربوعها».

ويقول الملك المؤسس: «إنه ليسوء كل عربي ان تجرد فلسطين من صبغتها العربية وكل ما يمس الأماني والتقاليد العربية الموروثة عن الأجيال في فلسطين لا يتناول تأثيره في فلسطين فقط بل يتصل بجميع الاقطار العربية التي تغار على فلسطين غيرتها على نفسها بل لتعتبر فلسطين جزءًا لا يتجزأ من الوطن العربي».

وعن وعد بلفور، يقول الملك المؤسس: «إن الحكومة البريطانية قد منحت وعداً لليهود وسمته وعد بلفور، ولست أدري ما هي الظروف التي استكرمت أعطاء مثل هذا الوعد الصعب التنفيذ، والمتضمن شقين متناقضين: وطناً قومياً لشعب أجنبي، وتعهداً بحفظ السكان الاصليين وعدم انتقاصها، حقاً انه لوعد مبهم وقابل للتأويل وكل ما أنتج هو إغراق فلسطين بالمهاجرين اليهود وإضاعة اراضي العرب».

كما يشير الملك المؤسس، إلى أنّ «لجان التحقيق المتعددة التي أرسلت الى فلسطين وظهر لها الظلم اللاحق بالعرب لم يأبه لتقاريرهم».

ويعرض الملك المؤسس، بحسٍ تاريخيٍ للمرحلة التي كانت تمر بها فلسطين آنذاك، وما سبقها، بالقول: «نحن العرب ظلمنا تحت الحكم التركي زهاء أربعة او خمسة قرون وقد أهمل أمرنا خلال هذا الحكم، فلم نساير لهذا السبب التقدم العالمي في العلم والحضارة المادية، واليهود كشعب نشأ في احضان الحضارة الغربية الحديثة وتثقف بعلمها من البديهي ان يكون متفوقاً من هذه الناحية لذلك يكوم من أوجب الواجبات الحكومة في فلسطين التدخل لصون حقوق العرب».

وفي رده على سؤال، حول اليهود، وإدعاءاتهم عن فائدتهم بفلسطين، يقول الملك المؤسس: «استفاد من أموال اليهود هم اليهود اولاً ثم بعض الأشخاص من أصحاب الاراضي الواسعة فقط، أما الفلاحون فقد لحقهم ضرر عظيم."

لقد صاغ الملك المؤسس (طيب الله ثراه) دوراً وخطاباً تجاه فلسطين، وأهلها، وقضيتها، وحمل همها إلى العالم، لتبيان ما تتعرض له فلسطين من ظلمٍ، بقي موصولاً حتى اليوم.

وما يزال الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، يحمل معه هم فلسطين، وقضيتها، وينادي بعدالتها، في منابر العالم كافة. ــ الراي

مواضيع قد تهمك