الأخبار

محمد خروب : هل «قرّرتْ» روسيا.. «ضربَ» قوافِل الإمدادات العسكرِية «الغربِيّة»؟

محمد خروب : هل «قرّرتْ» روسيا.. «ضربَ» قوافِل الإمدادات العسكرِية «الغربِيّة»؟
أخبارنا :  

محمد خروب :
دخلت العملية العسكرية الروسية الخاصة فصلاً جديداً من يومياتها الممتدة فصولاً منذ 24 شباط الماضي، فيما «لا» يُبدي المُعسكر الغربي أي مرونة تجاه الدعوات الآخذة في التصاعد لايجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية، ويمضي قادته وبخاصة الرئيس الأميركي بايدن ورئيسة وزراء بريطانيا والائتلاف الحاكم في ألمانيا, قدماً في تسليح أوكرانيا بل وتزويدها بأسلحة كاسرة للتوازن (ترى فيها موسكو تجاوزاً استفزازياً لخطوطها الحمراء), خاصة بعد ردود الفعل الغربية الهِستيرية إزاء الضربة الصاروخية المكثفة التي قامت بها القوات الجيوفضائية الروسية, وشملت العاصمة الأوكرانية كييف وأزيد من 15 مدينة رئيسية, طالت البُنى التحتية فيها كما مصادر الطاقة والكهرباء والمياه ومؤسسات حيوية عسكرية.

تسريبات عديدة تتولاها مصادر روسية على نحو مقصود في ما يبدو, تتحدّث عن ان استهداف البنية التحتية الأوكرانية أصبح ضمن يوميات الحرب, وفق خطة ترمي إلى وقف حركة القطارات وقَطعْ الكهرباء والاتصالات ووضع الامدادات الغربية عبر الحدود تحت النيران، في الوقت ذاته الذي تستمر فيه الحرب البرية على جبهات جنوب وشرق أوكرانيا (دونباس وخيرسون وزاباروجيا).

تطور دراماتيكي كهذا (إن حدث فِعلاً) سيعني من بين أمور أخرى تكريس حرب مُتدحرجة ستغدو لاحقاً بلا قواعد, خاصة بعد أن أمعن النظام الاوكراني في غروره مُتجاوزاً قوانين الحرب. مُراهِناً على دعم غربي (آخِذ في التراجع على ضوء الاحتجاجات الشعبية التي بدأت تعمّ العواصم الغربية, مُطالبة بتحويل الاموال التي تتدفق على أوكرانيا الى الفئات والشرائح الشعبية التي بدأت تترنح تحت وطأة التضخم والغلاء وارتفاع أسعار الطاقة). الأمر الذي راح يفرض نفسه على أجندة قادة هذه الدول, وكان لافتاً التصريح غير المسبوق الذي أدلى به أمس أحد رموز «حزب الحرب» في الاتحاد الأوروبي, وهو جوزيب بوريل/مفوض الأمن والخارجية في الاتحاد, الذي «اعترف» بأن «رفاهية الاتحاد الأوروبي كانت قائمة على الطاقة الرخيصة من روسيا».

اعتراف كهذا يدفع قدماً خطاب الحركات والأحزاب السياسية الأوروبية الرافضة انخراط الاتحاد الأوروبي في الحرب الأوكرانية، واتهاماتها المُعلنة بان الولايات المتحدة هي المستفيدة الأولى – وربما الوحيدة – من استمرار الحرب حتى آخر جندي أوكراني. فضلاً عن تكريس تبعية أوروبا لأميركا في مجالي الطاقة/ والأمن (الأمن عبر تخويفهم من روسيا), و(الطاقة عبر احتكار بيعهم الغاز المُسال), والذي باتت أسعاره أعلى بأربعة أضعاف عن أسعار الغاز الروسي. وهذا ما أشار إليه بوضوح الرئيس الفرنسي/ماكرون امام اجتماع أوروبي ضم رؤساء دول ورؤساء حكومات «40» دولة أوروبية قائلاً باستنكار.. «هذه ليست أسس الصداقة التي تجمعنا بكم».

الضربة الروسية الصاروخية في توقيتها وخصوصاً في حجمها, أربكت قادة الاتحاد الأوروبي كما الإدارة الأميركية, حيث لم يكتفوا بوصفها «وحشية» باستهدافها المدنيين والبنى التحتية الأوكرانية (...) بل أعلنوا تقديم المزيد من الاسلحة لأوكرانيا «حتى تنتصر», عبر تزويد كييف بالدفاعات الجوية كما أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية وبخاصة الرئيس الأميركي بايدن الذي قال في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني: الدفاعات الجوية أهمّ أولوياتنا في تعاوننا الدفاعي.

على المقلب الآخر تبدو شعبية الرئيس الروسي آخذة في الارتفاع, بعد موجة غير مسبوقة من الانتقادات اللاذعة التي طاولت قيادات الجيش والأمن خاصة بعد تفجير جسر القرم وقبلها النكسات والاخطاء التي أدت إلى انسحاب الجيش الروسي أمام الهجوم الأوكراني المضاد في خاركوف وليمان, والتي ترافقت مع تفجير خطّيّ السيل الشمالي، ما زاد من الضغوط على بوتين بل وانعكس على شعبيته.

اقتبس هنا «بعضاً» من نص لافت كتبه يوريس روجين، الخبير العسكري الروسي/البطل في الشطرنج (ترجمه د. زياد الزبيدي) بعد القصف الصاروخي الروسي المكثف أول من أمس حيث كتبَ: «إذا اعتبرنا أن هذه الضربات مثابة انتقام للضربة، أو بالأحرى الهجوم الإرهابي على جسر القرم.. إذن - يُضيف - من حيث المبدأ هناك ردّ مُتناسب له ما يُبرّره تماما.. وقد تم اقتراحه منذ فترة طويلة وأخيراً رأينا ذلك.. مُستطرداً - ستسمح الهجمات للسلطات في موسكو بـِ"تهدئة» المزاج السلبي في المجتمع الروسي, المُرتبط بـ«تأخّر الحسم» في سياق الحرب ضد النظام الإرهابي الاوكراني. مُضيئاً على مسألة مهمة بالقول: «لا» بالطبع... «لا» يمكن أن يكون هناك تأثير اكثر منهجية، إلاّ إذا استمرّت مثل هذه الهجمات لفترة معينة، وبما لا يسمح لأوكرانيا بتحقيق الاستقرار في نظام الطاقة. مُشيراً إلى «أن انهيار نظام الطاقة المُوحّد الذي تم إنشاؤه في ظل الاتحاد السوفياتي, سيجعل من الصعب على كييف مُواصلة شنّ الحرب في المستقبل». ــ الراي

kharroub@jpf.com.jo

مواضيع قد تهمك