الأخبار

د . اسامة ابو الرب : هل القتل طريقة فعالة في حل مشكلة كلاب الضالة؟

د . اسامة ابو الرب : هل القتل طريقة فعالة في حل مشكلة كلاب الضالة؟
أخبارنا :  

خلال الفترة الماضية جرى نقاش واسع حول موضوع الكلاب الضالة، وارتفاع حالات عقرها للمواطنين، كبارا وأطفالا، وكيفية التعامل معها.

اتسم النقاش في بعض الحالات بالحدة وإلقاء اللوم، وكان من أبرز ما تم طرحه اعتقاد البعض أن منع قتل الكلاب يعيق مكافحتها ويكبل أيدي البلديات في حل المشكلة، وأن على الحكومة الأردنية السماح بقنص الكلاب.

سنقارب الموضوع من ناحية علمية، وبناء على الدراسات والأبحاث، واضعين نصب أعيننا أن الحفاظ على حياة الإنسان الأردني ورفاهيته هي الغاية، كما قال جلالة المغفور له الملك الحسين «الإنسان أغلى ما نملك».

السؤال الأول الذي يطرح: هل قتل الكلاب وسيلة فعالة للتخلص منها؟ الجواب قد يكون مفاجئا، إذ وفقا لمراجعة بحثية منشورة في مجلة فرونتيروز في العلوم البيطرية Frontiers in Veterinary Science، نشرت في 2017، حول «دور إدارة أعداد الكلاب في القضاء على داء الكلب»، فقد وجد الباحثون أن الإعدام الجماعي للكلاب هو طريقة خاطئة للاستجابة لتفشي داء الكلب، بناء على الاعتقاد الخاطئ بأن تقليل حجم مجموعات الكلاب سيقلل من انتقال داء الكلب.

يقول الباحثون إنه في الواقع، تبين أن الإعدام الجماعي للكلاب ليس له تأثير طويل المدى على مكافحة داء الكلب داخل المدن أو في دول مثل الإكوادور، وإندونيسيا، وبنغلاديش.

فعمليات الإعدام ليست فعالة مثل برامج التعقيم في تقليل حجم قطعان الكلاب على المدى الطويل، وذلك لأن عملية الاعدام لا تتناول مصدر الحيوانات الجديدة أو البديلة، ولها تأثير مؤقت فقط على حجم القطعان.

علاوة على ذلك، تم توثيق معدلات الاستبدال السريع للكلاب المقتولة في بعض المناطق بعد الإعدام عبر تحفيز التكاثر، مما أدى إلى وجود كلاب أصغر سنا. هذا الأمر خطير، فالكلاب الأصغر هي أكثر صحة وبالتالي أقدر على الهجوم والعقر. وعمليات الإعدام للكلاب فعليا تشجع على توالد كلاب جديدة.

هذا علميا، أما أخلاقيا، فقتل أي حيوان بشكل عشوائي هو أمر مرفوض في ثقافتنا وعاداتنا الأردنية والعربية، ومجرّم قانونيا.

السؤال التالي: ما أفضل وسيلة للتحكم في أعداد الكلاب؟ الجواب وفقا لدراسة منشورة في مجلة الحيوانات Animals في 2022، هو التعقيم. إذ يقول الباحثون إن التعقيم يعد حاليا أكثر الطرق الإنسانية المتاحة فعالية للتحكم في تجمعات كلاب الشوارع عند إجرائه بطريقة منهجية، ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لبرامج التلقيح ضد داء الكلب في الكلاب. بالمقابل أثبتت الأساليب الأخرى غير الإنسانية (مثل القتل والتسميم) للسيطرة على كلاب الشوارع أنها أقل فاعلية في إدارة أعداد الكلاب وقد تؤدي حتى إلى إدخال داء الكلب إلى مناطق جديدة.

وتضيف الدراسة أن برامج تعقيم كلاب الشوارع قد تقلل أيضا من إصابات عضة الكلاب البشرية من خلال العمل على إزالة سبب السلوكيات الوقائية لأمهات الكلاب -فأمهات الكلاب قد تعض دفاعا عن جرائها- وتقليل كثافة الكلاب المتجولة.

السؤال الثالث: هل هناك إجراء آخر يمكن أن يساعدنا في السيطرة على الكلاب؟

الجواب نعم، وهذا الإجراء هو السيطرة على النفايات. فنفايات الطعام في القمامة هي عامل مهم في نمو تجمعات الكلاب، وإدارة هذه النفايات والتخلص منها تساعد على عدم تكاثرها.

هذا يتطلب التعاون من جميع الأطراف، الطرف الأول هو المواطنون، فبقايا الطعام التي تلقى في الشارع أو الحديقة أو أية منطقة سياحية بعد رحلة العائلة يوم الجمعة، ستشكل طعاما للكلاب الضالة، وهذا يساعدها على النمو والتكاثر.

الطرف الأول هو البلديات، التي عليها إدخال هذا العامل في مقاربتها للمشكلة، والحرص أن لا يكون للكلاب الضالة إمكانية الوصول لمكبات النفايات، والتغذية على ما تحتويه من طعام.

الكلاب الضالة مشكلة عالمية وليست محصورة في أردننا الحبيب، والتعامل معها يتطلب مقاربة علمية عقلانية، وعلميا، فقتل الكلاب كما أسلفنا ليس وسيلة فعالة، والحل هو توفير المزيد من التمويل لبرامج تعقيم الكلاب، الموجودة بالفعل والمطبقة في بلدنا الغالي، والعمل على تحكم أفضل بالنفايات حتى لا تكون مصدرا للطعام تتغذى عليه الكلاب، مما يساعد على تقليل تكاثرها والسيطرة على أعدادها. ــ الراي

مواضيع قد تهمك