الأخبار

كمال زكارنة : العمق العربي المغلق

كمال زكارنة : العمق العربي المغلق
أخبارنا :  

كمال زكارنة :
ما يحك جلدك مثل ظفرك او غير ظفرك،هذا المثل العربي والعالمي المتداول عبر العصور والتاريخ الذي توارثته الاجيال،والذي يصلح لكل المناسبات والاوقات والظروف،ويتداول في جميع المستويات الثقافية والاجتماعية،ربما يتوقف استخدامه على حدود الجغرافيا الفلسطينية،المحاطة والمسيجة والمطوقة والمراقبة والمتابعة من جميع الاتجاهات،والتي يتمدد بداخل احشائها مرض سرطاني خبيث وخطير جدا ،يتفرع في جميع الاتجاهات،لم يستطع العالم حتى الان ايجاد العلاج المناسب والفعال لاستئصاله وانهائه،الا وهو الاحتلال الاستيطاني الصهيوني الاحلالي الاقتلاعي التهجيري التهويدي العنصري البغيض.
يتوقف هذا المثل على حدود الجغرافيا الفلسطينية،ليس لعدم وجود الاظافر ،بل هي موجودة وكثيرة وحادة جدا وقوية وصلبة لا يمكن كسرها بسهولة،لكن ما يؤذيها محاصرتها وعدم السماح لها بالاستفادة من عمقها العربي ،وملاحقتها في الداخل من الاحتلال وما يمتلك من ادوات ومعدات تجسس ومراقبة الكترونية وتكنلوجية حديثة ومتطورة ،اجهزة وكاميرات سرية وعلنية على الارض وفي الجو وتلك المزروعة في المباني وعلى الطرقات وفي كل مكان،والمتعاونين معه داخليا وخارجيا.
ملايين البشر وآلاف المصانع والشركات مشغولة بمراقبة وملاحقة مقاوم فلسطيني،يعتمد على نفسه وقدراته الذاتية في التسليح والتدريب والتخفي والمقاومة والاستمرار والحفاظ على الحياة،ومساحة الحركة المتاحة له لا تتجاوز مساحة غرفة في منزل،يدخلها سرا ويخرج منها سرا،يسلك طريقا في زقاق ضيّق،فلا يمكن ان يسجل العدو نصرا اذا استطاع الوصول الى مقاوم يرفض الاستسلام ويستشهد،هذا هو سقف الشجاعة والبطولة الذي صنعه الشعب الفلسطيني ولا يمكن لاحد ان يخترقه ويتجاوزه،ومع كل هذه المعيقات والتقنيات والبشر من المحتلين والمتعاونين تستمر المقاومة وينبت المقاومون دون توقف.
تغطية مدينة او قرية او مخيم امنيا بكل ما تملكه اجهزة الاحتلال من عناصر قوة امنية،ليس صعبا ولا مستحيلا،النصر الحقيقي والمعجزة هو وجود المقاومين في تلك المدينة والقرية والمخيم ،وتصديهم للمحتل وقتاله والاشتباك معه ونكبيه خسائر والاستشهاد،وهذا امر طبيعي ،لان العمق العربي مغلق.
على المقاومين في الضفة الغربية تغيير اسلوب ونهج التخفي المتبع منذ الانتفاضة الاولى عام 1987 ،وهو نهج مفروض عليهم،وذلك بالتوجه للاختفاء تحت الارض التي لا يمكن ان تتكلم عن من هم في باطنها،والضرب في الوقت المناسب والعودة الى المخابيء،ربما هذه الطريقة تعطي المقاوم عمرا اطول لمواصلة المقاومة،لان المنازل لم تعد اماكن آمنة لهم.
المقاومون يتحركون في حقول من الالغام والاسلاك الشائكة المكهربة والممغنطة،مهمتهم الاكثر صعوبة الابتعاد عن اعين العدو وهي كثيرة ومتعددة ومنتشرة.

مواضيع قد تهمك