د. حسين سالم السرحان : بعيدا عن السياسة وقريبا من إدارة الدولة

أعلن دومًا أني لست من المغرومين بالسياسة وأميل إلى التفكير بالتعليم والتنمية والتحديث والتطوير والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، تاركًا قضايا الشؤون الدولية والسياسات الخارجية لذويها من العارفين بدهاليزها كحال المواطن العادي غير المؤدلج ولا المثقف البرجوازي أو حتى المقاول السمسار بالشؤون الديمقراطية ليدخل من بواباتها للمجالس والنقابات والجمعيات والبلديات وحتى الأندية الثقافية والرياضية وصولاً إلى تمثيل مجالس الآباء بالمدارس
ليس هذا بيت القصيد !!
فهذه قراءةً عاجلة لأنظمة الحكم وما يتعلق بإدارة دولها داخلياً بعيداً عن ارتباطاتها وأجندتها السياسية خارجيًا لان ذلك يخضع لحسابات لا تهمني كثيرا ً
واتوقف حول ما يوجد بالمنطقة العربية من أنواع للحكم منها الحكم الرشيد ومنها الحكم الفاشل كمقارنة تحليلية في المفهوم والمآلات
إذ تشكل طبيعة الحكم في الدولة أحد أهم المؤشرات التي تعكس استقرارها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ففي هذا الإطار، يظهر مفهوم "الحكم الرشيد” كنموذج للحكم الذي يراعي التنمية والخدمات والعصرنة والعدالة والمساءلة والشفافية، واستثمار مداخيل الدولة وثرواتها لبناء منظومة متكاملة وشاملة تنعكس على حياة المواطنين في الدولة،
بينما تمثل "الدولة الفاشلة” النقيض التام، حيث تغيب سلطة القانون وتنهار مؤسسات الدولة بفعل الجهل والفساد ومراكز القوى وغياب العدالة والإصلاح وليس للثروات وحدها العامل الحاسم في ذلك فالمحيط العربي زاخر بالدول الغنية وذات الثروات الطبيعية المذهلة ومع ذلك تصنف ضمن الدول الفاشلة للأسباب آنفة الذكر بينما توجد دول أخرى ثرواتها تكاد تكون محدودة الحجم والكم والنوع استطاعت تحقيق مستويات مناسبة من التنمية وقدرة المؤسسات
ومن المهم هنا التعرف على الحكم الرشيد (Good Governance) فهو مصطلح يُستخدم للدلالة على الطريقة التي تُمارس بها السلطة في إدارة الموارد العامة وتحقيق التنمية الذي اعتمدته مؤسسات مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي كمقياس لنجاح الحكومات.
وأبرز خصائص الحكم الرشيد توفير المعلومات للمواطنين وتمكينهم من مراقبة الأداء الحكومي وهو ما يعبر عنه بالشفافية، وتأتي فيه المساءلة من خلال خضوع المسؤولين للمحاسبة على قراراتهم وسياساتهم مهما كانت مسمياتهم الوظيفية ويجب ان يقعون تحت سلطة وسيادة القانون من خلال تطبيق القوانين على الجميع دون تمييز، وضرورة اعتماد المشاركة كإشراك جميع فئات المجتمع في صنع القرار واستخدام الموارد بشكل مسؤول لتحقيق التنمية بكفاءة عالية واقتدار وضمان الاستمرارية والجودة في الأعمال مع الأخذ بمبادئ العدل والإنصاف لضمان وصول الجميع للخدمات العامة بعدالة بما في ذلك الحقوق الأساسية في التعليم والصحة وفرص العمل للمواطنين دون تمييز أو تدخل، والقدرة على تلبية الاحتياجات بسرعة ويسر وسهولة وبكفاءة .
أما الدولة الفاشلة (Failed State) هي دولة لا تستطيع أداء وظائفها الأساسية مثل توفير الأمن، تطبيق القانون، تقديم الخدمات العامة، أو التحكم في حدودها. وغالبًا ما تكون ساحة لصراعات داخلية، والتغول من قبل مراكز القوى على حقوق الناس، وأبرز مؤشرات الدولة الفاشلة ضعف واضح في بعض سلطاتها وعدم قدرتها على فرض النظام والفساد المنتشر بالإضافة إلى انعدام الثقة بين المواطن والدولة.
تأتي المقارنة هنا مهمة بين الدول ذات الحكم الرشيد والدول الفاشلة لنعرف أيهما أفضل في هذا الشأن بعيدًا عن الشعبويات والولاءات الكلامية التي عفى عليها الزمن ولا تصلح لعصر التقدم الحضاري والذكاء الاصطناعي والمعرفة،
والله الموفق