كمال زكارنة يكتب : توسيع العمليات في غزة ..ماذا يعني؟

كمال زكارنة :
يهدد نتنياهو والقادة العسكريون الاسرائيليون، بشكل يومي تقريبا، بتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة،وتعزيز جيش الاحتلال بعشرين الف فرد اضافي،لان الجيش يشهد نقصا في العدد، وكأن القطاع قارة من حيث المساحة ،ولا يستطيع الجيش النظامي الاسرائيلي تغطيتها ،بكل ما يملك من عدة وعدد،وربما تكون هذه الكذبة الاكبر التي يحاول قادة الاحتلال ترويجها ،لتبرير الابادة الجماعية التي يرتكبها في غزة،واظهار ان الجيش عاجز عن تحقيق اهداف العدوان بسبب قوة المقاومة الهائلة.
صحيح ان المقاومة في قطاع غزة لقنت جيش الاحتلال دروسا قاسية،والحقت به خسائر فادحة جدا بالارواح المعدات،وصمودها فاق الاساطير وبسالتها عانقت السماء،لكن التهويل الاسرائيلي لقوة المقاومة يهدف الى امرين،الاول تبرير جرائم الاحتلال العاجز عن تحقيق اهداف العدوان،وتقبل العالم سياسة الانتقام من المدنيين، لعدم قدرة جيش الاحتلال على هزيمة المقاومة،والامر الثاني ،اظهار المقاومة بأنها تملك كميات ضخمة من السلاح النوعي المؤثر،لتكون حجة للاحتلال للمطالبة بنزع سلاح المقاومة .
رغم تهديدات الاحتلال والجرائم الكبيرة التي يرتكبها ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة،الا ان المقاومة عادت لتمسك بزمام المبادرة ،وتكبد جيش الاحتلال خسائر كبيرة بالارواح والمعدات،ولا يكاد يمر يوما الا وتقع عدة مجموعات من جنود وضباط الاحتلال في مصائد الكمائن الناجحة،والاجهاز عليها من المسافة صفر.
تهديد الاحتلال بتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة واحتلال مزيدا من الاراضي ،يعني ان حكومة الاحتلال تغلق ملف المفاوضات بشكل نهائي ،وتعلن انسحابها من العملية التفاوضية ،ويتبعها انسحاب الادارة الامريكية ايضا من المفاوضات،وهذا ما يحصل عمليا الان.
من الواضح ان الادارة الامريكية تبحث عن اي اتفاق في قطاع غزة،سواء كان يفضي الى هدنة مؤقتة ،او طويلة الامد او دائمة،كي تتكيء عليها قبل زيارة ترمب للدول العربية منتصف الشهر الحالي،لانه لا يستطيع ان يطالب العرب بالمال والاستثمار والتطبيع مع الكيان ،دون ان يقدم شيئا مهما،وهذا الشيء المهم يجب ان يتعلق بالقضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي،وغير ذلك لا يعني العرب ولا يشكل اهمية استراتيجية بالنسبة لهم ،ولعل ترمب وادارته يدركون ذلك جيدا.
الشروط والقيود التي يحاول نتنياهو فرضها على الفلسطينيين في قطاع غزة،لا يمكن قبولها في مدرسة اساسية،منها على سبيل المثال،تحديد المساعدات المقدمة لابناء غزة بالغرامات،والمطالبة بسيطرة اسرائيل على ادخال المساعدات وتحديد كمياتها والاشراف على توزيعها ،للافراد والعائلات والاحياء والمدن والمخيمات،ومعرفة اسم كل شخص يتسلمها وكم غرام استلم ،والاحتلال يحدد حجم المساعدات لكل فرد،عدا عن الشروط السياسية والامنية وغيرها.
انها شروط اذلال واستبداد ،تجبر الجانب الفلسطيني على رفضها ،وهكذا يصل نتنياهو الى هدفه الاستراتيجي وهو مواصلة العدوان والحصار على القطاع دون توقف،وتحميل الفلسطينيين المسؤولية.
ثمن التطبيع عربيا يجب ان يكون دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس،على حدود الرابع من حزيران عام 67 وليس اقل من ذلك،وهذا هو الموقف العربي المعلن حتى الان.