الأخبار

د. اكرم مساعدة : وجه الوطن أجمل

د. اكرم مساعدة : وجه الوطن أجمل
أخبارنا :  

عادة ما يأخذ الحدث الطارئ مساحة كبيرة من الرأي العام، ويكون بحسب أهميته موضوعاً للتحليل والتمحيص وابداء الرأي. وإذا كان الحدث سياسياً أو متعلقاً بأمن الدولة وكيانها ترى البعض يُغرق في التحليل المتسوّل والرأي الغائي.

تعمدت الكتابة متأخراً في هذا الموضوع وتدفعني انعكاسات هذا التجنيد وتصنيع السلاح وتشكيل خلية تتناقض مع أمن الدولة الأردنية وحرمة الكيان الأردني، والذي لم ولن يختلف اثنان على ان من ارتكب أو شارك أو أيّد هذه الجرائم عليه ان يتحمل عاقبة فعلته فلن يرحمه المجتمع ولن يجامله قانون.

ورغم المفاجأة وخطورة الجريمة فإنني أرى انها لا تستأهل من ردة الفعل والتأزيم الذي حصل، وليس من شأنها انتاج خطباء غير مفوهين لا يتقنون العربية ولا يملكون ناصية البيان ولا يستوعبون البعد الوطني، وبالمختصر لا يفرقون بين الغث والسمين، كل هدفهم تسجيل موقف خاص بهم بعيداً عن العقل ممجوجاً من كل أطياف الأردنيين. هؤلاء ذهب بهم تفكيرهم الى حد ان افترض أحدهم ان الأردن حاكورة موروثة له، يُبقي بها من يشاء ويَطرد منها من يشاء، ومنهم من جاء بألفاظ لا تُلقى بسوق خضار. فنالوا من هيبة الدولة ومؤسسات الوطن بل واساؤوا للرمز الأول اذ وصل بهم الامر ان لاكوا اسم سيّد البلاد في سياق جهالات الفاظهم.

كان الوطن – وما زال – بحاجة لوقفة الواعين الشرفاء أصحاب الولاء والفهم السياسي والقانوني والاجتماعي، للتدليل على خطورة الجريمة واصحابها وبعدها وأثرها السلبي على الوطن بكل مقدراته، بعيداً عن أسلوب الاستفزاز والمهاترة والغوغائية والرعونة، كان الأولى ابراز فضائل هذا الوطن والاسس والمبادئ التي يقوم عليها من عدالة ومساواة وسيادة للقانون.

الذي حدث، حدث قبله ومثله وأكبر منه بكثير، والذي حصل بتقديري لم يتجاوز سحابة صيف عابرة، زادت من تلاحم الأردنيين وقوة الدولة الأردنية. اما الذين استشاطوا لأسباب غير مبررة ولا مفهومة فهم كمن شاهد ذبابة على وجه رفيقه فرماها بحجر هشم وجهه.

وبعد كل ذلك يثور التساؤل هل سيؤثر الحدث – أعني جريمة الخلية – وما نسب اليها من تجييش وتجنيد وتصنيع ....الخ وما تلا ذلك من ارتدادات مسّت الدولة بسلطاتها كافة على تشكيلة وهيكلة السلطات القائمة؟؟ بداية قامت الدولة بتفعيل مسألة حل جماعة الاخوان المسلمين من مصادرة وتحقيق، متداركة ما غفلت عنه منذ سبعين عاماً ونيّف، عندما كانت تتعامل مع الجماعة كمكّون مجتمعي له اعتباره ووجوده الفعلي. ولم يكن خطاب وزير الداخلية الا إعلاناً عن هذه الخطوات، واما قرارات محكمة التمييز الموقرة فهي كذلك مجرد كشف عن واقع لا غطاء شرعي لوجودْ (جماعة الاخوان المسلمين).

واما ما يشاع عن إمكانية لحل مجلس النواب وتغيير للحكومة، فـإن من المقرر دستورياً ان مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ اعلان نتائج الانتخابات العامة في الجريدة الرسمية (المادة 68 من الدستور)، أي ان مدة المجلس الحالي تنتهي بتاريخ 13/9/2028، لكن هذه المدة ليست محصّنة إذا ما ارتأى جلالة الملك حل المجلس ممارساً صلاحياته المنصوص عليها في المادة 34/3 من الدستور. وإذا حدث هذا الحل فإنه سيتم تفعيل المادة 74 من الدستور بصيغتها المعدلة التي تربط بين بقاء المجلس والحكومة، وهذه تستوجب مغادرة الحكومة – برئيسها ووزرائها – وهذا قول لا اجتهاد فيه ولا تفسير علماً بأن هذا النص المستحدث لم يأت بفائدة ولم يقم على مبرّر منطقي لوضعه، وارى انه يتوجب على المشرّع الدستوري الغاءه في أقرب وقت يحين لتعديل الدستور.

وعوداً على بدء فان كل الذي حدث لا يتعدى ذبابة خَطّت على وجه حسنٍ، تغادر سريعاً ويُزال أثرها بأسهل الطرق.

حفظ الله وطننا وقيادتنا.

مواضيع قد تهمك