احمد ذيبان : دروز سوريا!

بدأت اسرائيل الاستثمار السياسي للتحول التاريخي، الذي وقع في سوريا في نهاية العام الماضي، بعد أن انتصرت الثورة السورية وهرب الرئيس المخلوع بشار الأسد الى موسكو، بكل ما خلفه في سوريا من دمار وجرائم تقدر أعداد من قتلوا فيها بمليون شخص وتهجير نحو 12 مليوناً آخرين وتفكيك لمؤسسات الدولة.
ومنذ سقوط نظام الأسد قامت اسرائيل باعتداءات متواصلة، على الأراضي السورية، وشنت مئات الغارات الجوية والضربات الصاروخية، التي استهدفت تدمير القدرات العسكرية التي خلفها جيش النظام السابق.
واحتلت أراضي جديدة بحجة أن اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وسورية لعام 1974 لم يعد قائمًا، وفي حين تتوغل قوات الاحتلال يوميًا في الأراضي السورية، بحجة البحث عن سلاح منتشر في المنطقة، تحاول حكومة بنيامين نتنياهو فرض منطقة منزوعة السلاح تشمل الجنوب السوري كله.
وكانت أهم الأوراق التي تلعب بها دولة الاحتلال؛ التعددية الطائفية والعرقية، حيث تتشكل سوريا من السنة والعلويين والدروز والمسيحيين والأكراد، ولا يخفى على كل من يعمل في السياسة والمحللين والمراقبين الاعلاميين المختصين؛ أن اسرائيل تسعى الى تقسيم وتفتيت سوريا الى كانتونات طائفية وعرقية وجهوية وتحويلها الى دولة فاشلة، وبالتالي ايصالها الى مرحلة الخضوع الكامل لدولة الاحتلال، ذلك أن من أهم أولويات الكيان الصهيوني، عدم وجود دول قوية على حدودها وخاصة دول الطوق العربية.
كانت أولى أوراق اللعب في الورقة الدرزية، عندما شجعت اسرائيل وفدا يتكون من نحو 600 رجل دين درزي من سوريا لزيارة إسرائيل، للمشارَكة في إحياء مناسبة دينية، في شهر آذار الماضي، وجاءت الزيارة تحت غطاء ديني وهو زيارة مقام النبي شعيب، وهو تقليد سنوي متبع منذ 140 عاما، ويقضي بزيارة رجال دين دروز من لبنان وسوريا، مقام النبي شعيب في منطقة الجليل، لكنه توقف بعد نكبة فلسطين الأولى عام 1948.
مواقع عديدة يقال إن مقام وضريح النَّبي شُعيب يوجد فيها، أحدها في الأردن في منطقة وادي شعيب جنوب مدينة السلط، وهو عبارة عن مسجد حديث فيه قبرٌ يُنسب للنبي شعيب، ويُعد من المواقع الأثرية المهمّة في الأردن، وأحد أشهر المقامات استقطابًا للزوّار في الأردن، ومقام آخر يقع في شمال فلسطين المحتلة، وهو الذي زاره وفد دروز سوريا عبر الجانب الخاضع للاحتلال الإسرائيلي من مرتفعات الجولان، حيث التقوا بالزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، وهو الذي يحرض سلطات الاحتلال على التدخل في سوريا بذريعة حماية در?ز سوريا!
وخلال الأيام القليلة الماضية صعدت دولة الاحتلال، من اعتداءاتها على الأراضي السورية عبر القصف الجوي، حيث شنت عشرات الغارات الجوية استهدفت دمشق ومناطق أخرى في سوريا، وهي بذلك تستغل هشاشة الدولة السورية وعدم وجود قدرات عسكرية، تمكنها من مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، حيث أنها دولة في مرحلة البناء مجددا بعد أن دمرها نظام بشار الأسد، الى درجة أن الطائرات الاسرائيلية أصابت محيط القصر الجمهوري في انتهاك صارخ للسيادة السورية، فيما اسمته رسالة تحذيرية للقيادة السورية الجديدة، لعدم المساس بدروز سوريا، وهذه وقاحة تصل?الى درجة الفجور!
ورغم أن هذه الاستفزازات قوبلت بادانات عربية ومن قبل الامم المتحدة لكن ذلك مجرد بيانات انشائية لا تغير في المعادلة المختلة شيئا، ذلك أن اسرائيل تعلن صراحة خططها لتقسيم سوريا، كما صرح بذلك وزير المالية المتطرف سموتريتش.
ورغم وجود بعض الدروز يحطبون في الحبل الاسرائيلي، من خلال المطالبة بحماية دولية، لكن غالبية دروز سوريا يرفضون ذلك، ويؤكدون ارتباطهم المصيري بوطنهم سوريا.
Theban100@gmail.com