فارس الحباشة : سورية.. من التجزئة إلى الوحدة؟

في تصريحات وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش الأخيرة، أضاف سورية إلى أهداف الحرب، واختصر أهداف الحرب باجتثاث حماس، وإضعاف قدرة حزب الله العسكرية، وتفتيت سورية، وإنهاء القدرة النووية الإيرانية.
وتزامنت تصريحات سموتريتش مع أحداث دموية طائفية حدثت في منطقة جرمانا، إحدى ضواحي العاصمة دمشق، وبعد أحداث الساحل السوري الدامية. كلام سموتريتش يحمل مشروعًا إسرائيليًا لتعديل بنيوي على الجغرافيا السورية، وتفتيت البنى الديمغرافية طائفيًا، وصناعة سورية مقسّمة، من الوحدة إلى التفتيت.
ويستعيد سموتريتش مقولة إستراتيجية استشراقية، وهي أنه لا يمكن السيطرة على الشرق الأوسط بوجود سورية موحدة.
كلام سموتريتش هام، لأكثر من عامل وسبب استثنائي، وحيث إنه يأتي بعد إصدار الحكومة السورية مراسلة إلى الإدارة الأمريكية توافق على طلباتها الأمنية، بما يتعلق بملف العلاقة مع إسرائيل، وذلك لتخفيف العقوبات الاقتصادية والتجارية الأمريكية والغربية المفروضة على سورية منذ 14 عامًا «قانون قيصر».
وكما حصلت إسرائيل على التزام من تركيا في مفاوضات أذربيجان بالتراجع عن خيار توقيع اتفاق تركي/سوري للدفاع المشترك، والاكتفاء بحصر العلاقة مع دمشق في حدود أمنية وتدريبية واستشارية. وفي الحسابات الإستراتيجية الإسرائيلية، فإنه ليس من الكافي السيطرة على سورية، بل ثمة ضرورة إلى تقسيمها، وخلط النسيج الاجتماعي، عبر تفتيت طائفي، وحرب أهلية مفتوحة.
سورية، منذ أيام الاستعمار الفرنسي، وهي معرضة للتقسيم والتفتيت الطائفي. والجنرال غورو، صاحب مشروع تقسيم سورية إلى عدة دويلات طائفية وعرقية وإثنية.
والمشروع الاستعماري الغربي/الفرنسي لتقسيم سورية إلى دويلات، لربما لم يُقل عن دول عربية أخرى مهمة من حيث الجغرافيا والمساحة والجيوسياسة، كمصر، ودول المغرب العربي.
واضح أن قرار التقسيم الفرنسي لسورية يعني وجود خطة ومشروع غربي. وقد اتضح ذلك في وعد بلفور، وقيام دولة إسرائيلية في فلسطين.
وتقسيم سورية يعني منع قيام أي حركة مقاومة عربية في المجال الحيوي المحاذي لإسرائيل. ووحدة سورية تعني القوة والمناعة، وتعني استقلالًا ومقاومة، وعامل وحدة لمشروع مشرقي عربي متكامل. قادة الثورة السورية: إبراهيم هنانو، وعبدالرحمن الشهبندر، وسلطان الأطرش، وصالح العلي، أدركوا مبكرًا مخاطر المشروع الفرنسي وتقسيم سورية، وأبلغوا المفوض السامي الفرنسي رسالة عنوانها: الاستقلال والوحدة، وهما شرطا وقف المقاومة السورية للاستعمار الفرنسي.
وفشل المشروع الفرنسي في إقامة دويلات في سورية. والآن، بعد مئة عام من الثورة السورية عام 1925، يعود المشروع الغربي، وبأدوات وظروف جيوسياسية جديدة، وسياسة إرغام للسوريين للتسليم بالتقسيم والتجزئة وتفتيت الوحدة السورية.
ــ الدستور