الأخبار

د. طلال طلب الشرفات يكتب : محمد حسين الشوبكي؛ الوطني الوقور

د. طلال طلب الشرفات يكتب : محمد حسين الشوبكي؛ الوطني الوقور
أخبارنا :  

كلما رأيت الجنرال المُهاب أبا هاني في جنبات الوطن يتملكني الزَّهو بأنَّ الأردن بخير، وأنَّ الكوفيَّة الأردنيَّة الخالدة بهندستها الإستثنائية تفخر بالرؤوس المفعمة بالشَّرف والوقار التي تعتليها، والشوبكي إبن القلعة، والرِّفعة، ومدينة القادة، وحملة البنادق والبيارق، وزهو الصُّبح الأردني الشَّريف على الجباه المُترعة بالعفّة والعزّة، وطهارة المنشأ والمُبتغى، و"أبا هاني" ملح الأرض، وأيقونة الحداء الأردني الذي ملأ القلاع والتِّلاع رجولة، وأغدق على ترابنا الطَّاهر نبلاً وعزماً ورشداً لا ينضب.

ما ذهبت مكاناً لأداء واجب إلّا وقد سبقني إليه، وكل مرّة تهزّني قداسة الكوفيّة الحمراء بهدبها الأنيق، وتأخذ مكانها ومكانتها الرفيعة في الرُّوح، وأمثل بين يديه، ومحراب عينيه تلميذاً غضّاً يتعلم أبجدية الحُلم الأردني، والوفاء الأبدي للأرض والعرض والعرش، ويأخذني الذُّهول في سرمدية الحكاية الأردنيّة التي أنجبت حابس، وأنتجت الشوبكي، وكتبت فصول رواية فراس العجلوني، ومنصور كريشان، وألغت كلَّ لغات الدَّمج والمزج بين الوفاء، والرياء، والنقاء، والعِداء؛ فرسان يحمون الثُّغور بشرف، و"بًغاث" يغمس السِّكين في خاصرة الوطن.

طننتُ أنني أول من كتب عن أبا هاني، ولكن عالم الاجتماع، والزَّاهد الشَّرس العنيد صبري ربيحات قد سبقني في الوفاء لحالة أردنيّة نبيلة قد لا تتكرر لفترة طويلة، ولربَّما كان عشقي السَّرمدي للجنوب وأهله قد أضناني عن سلوك طريقي في رحلة الهوى الأردني الممسك بحنايا الرُّوح صوب الشَّمال، وما كنت لأكتب عن أحد أسياد قلعة الشوبك لولا رغبتي الجامحة في تَمَثُّلِ سجاياه، ونُبل نواياه التي أضحت نادرة "للأسف" في زمننا الصَّعب، وظروفنا المًثقلة بالهموم.

الباشا الشَّوبكي ظاهرة وطنيّة تستحق الإجلال والتَّقدير، وقدوة أردنيّة تستوجب الدِّراسة والبحث ليس لسبب وجودها، وإنَّما لسُبل تمثُلها والسَّير على هُداها، وهو أنموذج أخلاقي للمُحافظين الأردنيين الذين آمنوا بالدَّولة وهويتها الوطنيّة الأردنيّة، ومقتضيات كيانها وسيادتها، وصمودها في وجه العواصف والمؤآمرات، وقيمها الوطنيّة والاجتماعيّة الرَّاسخة، وعرشها الذي يصون كل مساحات النُّبل الأردني بروح الأسرة الواحدة، وبديرها بالحب.

"أبا هاني" أيقونة أردنية خالدة، وسلوك رفيع للشَّخصيَّة الوطنيّة، وما زال يؤدي دوره بإخلاص عزَّ نظيره، ومن رفاق السِّلاح للحسين الباني "طيّب الله ثراه" وعبدالله الثاني "حفظه الله" هم الأصدق قولاً والأخلص عملاً، وهم الذين تعلموا شرف الجندية، وآثروا المنيَّة على الدَّنيَّة، وصدقوا ما عاهدوا الوطن عليه، وكانوا دوماً الشَّمعة المضيئة في سماء الوطن.

نسأل الله أن يحفظ الباشا أبا هاني، وأن يُمتّعهُ بالصَّحة والعافية.

مواضيع قد تهمك