القس سامر عازر : فقط هو واحد الراعي الصالح

القس سامر عازر
حياتنا تميل بين شد وجذب، وهي في حرب وصدام داخلي، واضراب في النفس يكاد ينزع منّا الراحة والسلام والفرح، وخصوصا في هذه الأيام حيث أصبحت حياة الإنسان رخيصة، وكرامته تنتهك، وحقوقه تغتصب، وحتى مصدر رزقه يحارب، مما يجعل نفوسنا تضيق وتضطرب.
ولكن وسط كل هذه الظروف هناك رب يحمينا ويسهر علينا ويعتني بنا، ولا يرتضي لنا إلا الأفضل والأحسن، ويُجري كل الامور لخيرنا مهما ضاقت بنا الأحوال ومهما اعترانا من صعوبات وضيقات. هذا لأنه هو راعٍ ليس كأي راع آخر. وبلا أدنى شك هناك رعاة صالحين وليسوا أُجراء، ولكن كثيرين منهم يعملون لأجل تحقيق مكاسبهم وامتيازاتهم وعلى حساب رعيتهم، ولا يهتمون بشيء إلا بما يلبي أهدافهم وتطلعاتهم، غير آبهين بمن هم في عهدتهم وفي كنف رعايتهم، وينسون أنهم مسؤولون أمام الله عنهم وأنهم سيقدمون حسابا لأمانتهم في خدمة رعيتهم والقيام بواجبهم حتى ولو تطلب الأمر إلى بذل الغالي والنفيس في سبيل سعادتهم وخلاصهم. فماذا أسمى وأغلى من الإئتمان على الشيء؟ فمن باب الإتمان وجب علينا صون الأمانة لا سرقتها، بل صونها والحفاظ عليها من أي شر أو مكروه أو خطر.
ورعايتنا مهما عظمت لكنها قاصرة أمام رعاية الله لنا، لماذا؟ لأننا بشر ولكن ومع ذلك فنحن مدعوين لصون الأمانة وحملها بكل ما أوتينا من قوة وعزم، والله وحده هو الراعي الصالح والأمين، فالصلاح كله ينبع منه وكذلك الأمانة.
وثقتنا بصلاح الله وأمانته هما مصدر فرحنا وقوتنا وعزاؤنا بأن الله لن يتركنا حتى ولو سرنا في وادي ظل الموت لأن الله معنا ويمسك بيدنا كالراعي الصالح، ويقيمنا من تعثرنا ويقودنا إلى المراعي الخضراء وإلى مياه الشبع الحقيقية.،وأما وعوده لنا فلن تسقط أبدا كمحبته التي لا تسقط أبدا بل يجري وعوده فينا ووعده صادق وأمين.
وكالراعي الصالح وحده فهو يعرفنا أكثر مما تعرفنا أمهاتنا، فهو يعرف داخلنا ويقرأ أفكارنا ويعرف نوايا قلوبنا. فالإنسان يرى الظاهر فقط ولكن الله يرى الباطن. الانسان ينظر إلى العينين وأما الله فينظر إلى القلب. ومن اتسم قلبه بالنقاء والصفاء والأمانه سوف ينال البركة الإلهية. لذلك فلا يغرّنكم صلاح أي إنسان لأنه قد يكون خيرٌ يراد به باطل أو عمل للوصول لمآرب خاصة، ولكن الصالح الأعظم الذي يعرف دواخلنا هو يعطينا بموجب صدق نوايانا وأفكارنا.
لذلك وإن ضاع حقنا عند البشر فحقنا عند راعي الخراف العظيم لن يضيع أبدا، فالله لا يضيع عنده أجر أحد ولو قدم كأس ماء بارد لإنسان ما، أو أغاث ملهوفا، أو كالسامري الصالح ضمد جراحات إنسان مقهور.
فمن صلاح الله نتعلم كيف نكون رعاة صالحين مؤتمنين.